الذي لم يمنعه انخزال الأعوان، وتشتت الأنصار، عن الكر في الأعقاب، والدفاع عن الأحساب.
ومثال منه قول حبيب:
السيف أصدق أبناء من الكتب ... في حده الحد بين الجد واللعب
بيض الصفائح لا سود الصحائف في ... متونهن جلاء الشك والربب
فالشك والريب شيء واحدن أو كالواحد.
ومما يحسن ذكره هنا أن بعض علماء البلاغة، يسمي هذا النوع من الأداء تطويلا ومما يستشهدون به قول الآخر:"وألفى قولها كذبا ومينا"، وكأنهم يعدون هذا من الإطناب الرديء. وعندي أن مثل هذا النوع من التكرار، ليس من التطويل في شيء، ولو لم يكن فيه إلا الجرس، فضلا عن التقوية والتأكيد للمعنى الذي يتأتى منه، لكفاه، على أن سبيل لا حب في العربية، وقل من الشعراء من لا يتعاطاه.
هذا، ويدخل في باب التكرار التفصيلي، ملفوظه وملحوظه، ما يسميه الجاحظ بالمذهب الكلامي، وابن رشيق القيرواني عده بابا من أبواب التكرار (١)، وذلك نحو قول الفرزدق:
لكل أمرئ نفسان: نفس كريمة ... وأخرى يعاصيها الفتى ويطيعها
ونفسك من نفسيك تشفع للندى ... وإذا قل من أحرارهن شفيعها
فهذا إن شئت جعلته من التكرار الملفوظ، وهو كما ترى منحو فيه منحى المنطق والتحليل. ومن أجل هذا سماه الجاحظ:"المذهب الكلامي". وتيد المتنبي لهذا النوع من التكرار في إفراض وعنف، هو الذي كان كثيرا ما يورده الاوابد