والجناس الازدواجي يقع عند المشابهة في الزنة. وقد يلتقي الجناس الازدوواجي والتكرار الملحوظ كمما في "مجدل، ومرمل، وموسد ... اللخ" فكلها بمعنى قتيل مطروح على الأرض؛ وكما في قوله: إرقال وتبغيل، فبين وزننيهما نوعٌ من شبه. ولا يخفى أن الجناس في أصله وجوهره نوعٌ من التكرار كما قدمنا آنفًا.
والجناس السجعي ينظر صاحبه إلى ناحية المكان من الكلمات التي يستعملها، وذلك بأن يعمد إلى أصوات وحروف بأعيانها، فيعتمد تكرارها، بإيراد كلمات تشترك في هذه الحروف والأصوات، نحو قول أبي تمام:
متى أنت عن ذهلية الحي ذاهل ... وقلبك منها مدة الدهر آهل
فالهاء مرددة في سائر هذا البيت، والذال والهاء واللام مشتركة بين ذهلية وذاهل، والهاء واللام مشتركتان بينهما وبين آهل في آخر البيت. وإنما سمينا هذا النوع من الجناس سجعيًا لأن صاحبه يفعل كفعل صاحب السجع من اعتماد تكرار حرف للروي، وجعله فاصلة بين كل فقرتين أو ثلاث.
وكثيرًا ما يخلط صاحب التجنيس بين ناحيتي السجع والازدواج؛ بأن يجيء بكلمات تشترك في الأوزان والأصوات، مثل قول البحتري في السينية:"جوب في جنب أرعن جلس"؛ فجوب وجنب وجلس، كلها كلمات متوازنة، وتشترك اثنتان منها في الجيم والباء، وثلاثتها فيها الجيم، وكقوله منها:
أتسلى عن الخطوب وآسى ... لمحل من آل ساسان درس
فمكان السين والألف هنا واضح. وقد أجاد البحتري هنا أيما إجادة، بإيراده نوعين من الجناس: أحدهما سجعي محص في قوله "أتسلى"، "آسي"، "ساسان" و"درس" والأخير ازدواجي خالص لولا اللام، وذلك قوله:"أتسلى"، وقوله:"لمحل". ثم زاوج بينهما عند قوله:"آسى" و"ساسا" من قوله "ساسان"؛