للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فهذا جناس ازدواجي سجعي. ونحو هذا لا يقوى عليه إلا عبقري موهوب. ويجري مثل هذا المجرى قوله منها:

فتوهمت أن كسري أبر ويز معاطي والبلهبذ أنسي

"فكسرى" و"أنسى" جناس سجعي لمكان السين. و"توهمت" و"أبر ويز" و"معاطي" كلها فيها جناس ازدواجي، للمشابهة في الوزن. وبين "أبر ويز" و"البلهبذ" تجانس سجعي، وتشابه في الوزن يقرب من الجناس الازدزاجي.

هذا، وقد أهمل النقاد الأوائل أمر الجناس الازدواجي جملة واحدة. إلا ابن رشيق القيرواني، فإنه قد فطن إلى نوع منه، عند حديثه عن التقطيه أو التفصيل (١)، في باب التقسيم. والتقطيع عنده مجيء فقرات متوازية غير مسجوعة في البيت الواحد، نحو (٢):

فلا كمدي يفنى، ولا لك رقةٌ ... ولا عنك إقصار، ولا فيك مطمع

ونحو قول عمرو بن شأس (٣):

مدمج سابغ الضلوع طويل الشخص عبل الشوى ممر الأعالي

فإذا جاءت مسجوعة فهو الترصيع.

ولو قد تأمل ابن رشيق قليلًا، وتجاوز توازن الفقرات إلى توازن الكلمات، لكان قد تنبه إلى وجود ما نسميه الجناس الازدواجي. ولكان قد جعله من باب


(١) العمدة ٢: ٢٥.
(٢) نفسه.
(٣) نفسه- يصف حصانًا. مدمج: أي غير مترهل. سابغ الضلوع: أي عظيمها. عبل الشوى: أي ضخم الأطراف. ممر الأعالي: أي أعلاه قوي شديد.

<<  <  ج: ص:  >  >>