كثير- تكون هي نفسها العماد، من دون جمعٍ كمي تراعي فيه المساواة، على نحو ما في الأعاريض العربية.
وثانيا: إن معنى التفعيلة foot يباين كثيرًا ما نفهمه نحن من معنى التفعيلة في العربية. وقد ذكر الدكتور مندور في الفصل الذي عقده للأوزان أن من التفعيلات ما هو مقطعي وما هو إرتكازي (وفاته أن يذكر أن منها ما هو مقطعي وما هو إرتكازي) - فالمقطعي الكمي أقرب التفعيلات الأوربية إلى تفعيلات العربية التي تقوم على الأسباب والأوتاد والفواصل أما الارتكازي فلا يشبه تفيعلات العربية في قليلٍ ولا كثير. ولا أدري إن كانت اللغة الصينية تستعمل الارتكازي من الأوزان، ولكنها إن كانت تستعمله، فلا بد أن يكون صنفه مباينا كل المباينة لأصناف الأوزان الارتكازية في اللغات الأوربية، لما تمتاز به اللغة الصينية من ظاهرة الفوارق الجرسية للكلمة الواحدة. هذا ومن له أدنى إلمام باللغة الإنجليزية، يعرف أن الفرق بين الوزن المقطعي والارتكازي عظيم جدا، لأن الازتكاز يساير طريقة الأداء الكلامي، لا الكم المقطعي. وقد فطن النقاد الإفرنج لجمال المزج بين صنفي الوزن المقطعي والارتكاز، وهذا كثيرٌ في اللغة الإنجليزية ولا سيما في أشعار القرن الثامن عشر، وسموا المقابلة بين كم المقطع، وارتكاب الأداء اللساني في الكلمات، بالمقابلة اللفظية أو counterpoint- فإذ نرى الإفرنج أنفسهم قد فطنوا إلى الفرق بين وزنين عندهم، (١) المقطعي الشبيه نوعا، ومع تجوز شديد، بأسبابنا وأوتادنا، (٢) والارتكازي، الذي ليس لنامنه كثيرٌ ولا قليل؛ ألا يجدر بنا إذن أن نفطن للفرق العظيم بين الأوزان البحتة في لغات الغرب، وأوزاننا الكمية المقطعية البحرية (نسبه إلى بحور الشعر؟ ).
هذا، وقد ذهب عن الدكتور مندور أيضًا أن سائر الأشعار الجرمانية (١)
(١) لا أعني أشعار الألمان الذين يسكنون ألمانيا، والذي عنيته بقولي "الجرمانية" أمثال الأنجلو سكسونيين فليس لي من معرفة الألمانية أدنى نصيب. وقد ذكرنا موجزًا عن أوزان الشعر الإنجليزي في الجزء الرابع وسيأتي ذلك إن شاء الله تعالى.