للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويعجبني من هذه القصيدة قوله يصف المرأة:

برهرهة رودة رخصةٌ ... كخرعوبة البانة المنفطر (١)

فتور القيام قطيع الكلا ... متفتر عن ذي غروب خصر (٢)

كأن المدام وصوب الغمام ... وريح الخزامي ونشر القطر

يُعل به برد أنيابها ... إذا طرب الطائر المستحر (٣)

فانظر إلى الجناس الحرفي بتكرار الراء والحاء والتاء المنونة والباء في البيت الأول، وإلى المزاوجة بين: رودة ورخصة؛ وشبه المزاوجة بين: برهرهة، ورودة. ثم تأمل هذا الترصيع في فتور القيام، قطيع الكلام، والبيت الذي يليه:

هذا، ومن أمثلة الجناس الحرفي الخفي الجيدة قول النابغة:

إذا ما غزوا بالجيش حلق فوقهم ... عصائب طيرٍ تهتدي بعصائب

يصاحبنهم حتى يغرن مغارهم ... من الضاريات بالدماء الدوارب

تراهن خلف القوم خرزًا عيونها ... جلوس الشيوخ في ثياب المرانب (٤)

جوانح قد أيقن أن قبيله ... إذا ما التقى الجمعان أول غالب

لهن عليهم عادة قد عرفنها ... إذا عرض الخطي فوق الكواثب (٥)

علي عارفات للطعان عوابسٍ ... بهن كلوم بين دامٍ وجالب (٦)

فهم يتساقون المنية بينهم ... بأيديهم بيض رقاق المضارب


(١) قوله: كخرعوبة البانة الخرعوبة: أي الناعمة.
(٢) ذو الغروب الخصر: هو ثغرها، والغروب: هي الأسنان البراقة، والخصر: هو البارد.
(٣) المستحر: هو الذي يصدح عند السحر.
(٤) المرانب: هي الثياب المصنوعة من فراء الأرانب.
(٥) الخطى: الرماح، والكاثبة: هي مقدم السرج، جمعها: كواثب.
(٦) العارفات للطعان: هي الخيل. والكلوم: الجروح. ودام: جرح فيه دم. وجالب: جرح ناشف قد برأ وصارت له قشرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>