كلامه، فجاء بقوله:"المشهور"، وفيها الهاء والراء والمد. وقد كان في وسعه أن يحيج عنها إلى "الصنديد" أو "المغوار"، ولكن قربها إلى ما سبق من جهة الصوت هو الذي طباها. ثم أكمل عامرٌ البيت بقوله:"في كل موكب"، فاتفقت له كافاتٌ، ما أحسبه كان قد قصد إليها. ولكن طبيعة القصد في نفسه الناظمة عندما توجع إلى تعزيز "ابن سيد عامر" بفارسها، "وبالمشهور"، أتت بالكافات في نوع من الاختيار "اللاواعي" هذا، ولو لم يكن عامر قد أراد إلى مضاهاة الحروف بعضها ببعض، ومجانستها، وملاءمتها، لكان له عن ذلك مندوحة، بإتباع أول كلامه:
وإني وإن كنت ابن سيد عامر
جواب الشرط، من غير قصد إلى الإطناب.
والبيت الثاني الذي وقع فيه جواب الشرط، يبدو لك أول وهلة كأنه خالٍ كل الخلو من مؤاخاة الكلمات ومجانستها. وهذا هو موضع الخفاء والإخفاء. وما هو إلا أن تتأمل حتى تجد أن الشاعر قد عدل عن اللام التعليلية، وعن "من" السببية في قوله: "عن وراثة" إلى "عن". وهل ترى أنه فعل ذلك، إلا لشدة دعاء العين الممدودة إلى جرس يؤاخيها؟ ونحو من هذا تجده في قوله:"سودتني، أسمو، أم". وغير خافٍ ما بين أبي وأب من تشابه.
أما البيت الثالث فالصناعة التقسيمية فيه أوضح من أن يدلل عليها. وجلي أن الشاعر لم يضطره إليها إلا حدوث القسمة بداءًا عند قوله:"ولكنني أحمي حماها".
فقوله:"أحمي" دعا قوله: "حماها". ثم هذا الجزء كله:"أحمي حماها" دعا نظائر أخريات، هن "أتقي أذاها" و"أرمي من رماها".
وأني لمما يطول عجبي من بعض النقاد القدماء الألى يزعمون بمعرض الحديث عن البديع، أن الجناس إنما كان شيئًا يقع اتفاقا وقدرًا للقدماء، لا يطلبونه، ولا