ونظائرها، مما يجمع فيه بين الكلام الجزل الواضح، والكلام المصنوع المتأنق فيه. ولكن شيطان البديع واللغة جعل يتغلب شيئًا شيئًا عليه، حتى كاد يستولي على جل تفكيره في قصائده التي نظمها أخريات أيامه ببغداد، مثل كلمته السقطية:
نبي من الغربان ليس على شرع
وكلمته السقطية الأخرى:
كفي بشحوب أوجهنا دليلا
وبعد رجعة المعري من بغداد جعل ينظم ألوانًا من الشعر يبلغ فيها الافتنان في البديع والغريب أقصاه مثل:
هات الحديث عن الزوراء أو هيتا
و: تحية كسري في السناء وتبع
وتجده في هذه القصائد لا يكاد يبلغ الذروة من الإغراب، حتى تثور ثائرة فكرة، وينحدر إلى سهل البساطة- مثال ذلك قوله من التالية:
وعمرو هند كأن الله صورة ... عمرو بن هند يسوم الناس تعنيتا
وبعد هذا مباشرة قوله:
يا عارضًا لاح تحدوه بوارقه ... للكرخ حييت من غيث ونجيتا
لنا ببغداد من نهوي تحيته ... فإن تحملتها عنا فحييتا
اجمع غرائب أزهار تمر بها ... من مشئم وعراقي إذا جيتا
(١) الأروي: جمع الأروية، وهي ضرب من الوعول يسكن الجبال. وأروي النياق: هي المرأة التي تكون في الهودج، وأروى النيق: هي الوعلة التي تكون في نيق الجبل، وهو العالي من جوانبه. والسرحان هو الأسد أو الذئب. وعمرو هند: أي قرط هند، وعمرو بن هند: هو الملك الجبار المعروف.