للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنه جرهم إلى الخطل حرصهم على استعمال "بغداد" و"كلوذا" و"ناباذ" وشبه ذلك من أسماء المواضع الذالية في قوافي الشعر. وقد كانت هذه المواضع حبيبة إليهم جدا، لما كانوا ينعمون فيها باللهو والغزل والخمر. وقد اختار لهم المختارون قطعا من ذالياتهم هذه، وعندي أنها كلها من الشعر المتكلف. ولا أستثني من ذلك ذاليات أبي نواس. وقد ركب المتنبي الذال في قصيدته: "أمساور أم قرن شمس هذا"؟ (ديوانه: ٦٣) ولو أن مساورًا كان أجازه عليها بعشر صفعات ما كان ظلمه. ومن أصفق ما قرأته من الذاليات قول أحد الفقهاء يمدح أبا الوفاء بن عقيل الحنبلي:

لعلي بن عقيل البغدادي ... مجد لفرق الفرقدين محاذي

قد كان ينصر أحمدًا خير الورى ... وكلامه أحلى من الآزاذ

وإذا تلهب في الجدال فعنده ... سبحان فيه في التجاوب هاذي

ما أخرجت بغداد فحلا مثله ... لله در الفاضل البغداذي (١)

ولم أجد في الشين شيئًا يستحق الرواية إلا بيتًا واحدًا في قطعة أنشدها ثعلب في مجالسه، وأتأثم من روايته فلينظر. وقد ركبها المتنبي (٢) فجاء بالشاس والقماش في قوافيه، وكاد يأتي "بناش" التي افتراها التوحيدي على الصاحب (٣).

والظاء فظيعة، والغين مثلها، إلا أن أبا العتاهية تكلفها في بعض ما روي له. والقوافي الحوش جميعها قد جاء بها المعري في لزومياته، وما كان أغناه عنها.

والهمزة قريبة من القوافي الذلل، لكثرة ما ورد فيها من الكلمات ذوات الألف


(١) طبقات الحنابلة لابن رجب الحنبلي، تحقيق لاوست والدهان، دمشق ١: ١٩٦.
(٢) ديوانه ٢٢٨.
(٣) راجع معجم الأدباء ٦ - ٢١٣. زعم التوحيدي أن الصاحب جاء "بالناش" في سجعاته، وزعم أنها لغة في الناس.

<<  <  ج: ص:  >  >>