للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المتأخرون. ويدخل فيه ما أطلق عليه هؤلاء لقب المقابلة والموازنة، وهذا اللفظ الخير أضافه ابن رشيق، ليتم به معنى المقابلة.

والذي فهمه المتأخرون من الطباق أنه جمع بين الشيء وضده، في الجزء من الرسالة أو الخطبة أو بيت من الشعر، وهذا الرأي ذكره أبو هلال (١)، وادعى الإجماع عليه، إلا ما كان من امر قدامة. وكرر ابن رشيق عبارة أبي هلال بلفظ يشبهها، وذكر خلاف قدامة والنحاس، اللذين يسميان الجمع بين الشيء وضده التكافؤ. والفرق الأساسي بين رأي المتأخرين ورأي الأوائل: انهم، كما قدمنا، ضيعوا معنى الطباق، وحصروه في الناحية اللفظية، المتمثلة في الجمع بين أشياء متضادة، كالليل والنهار، والحر والبرد.

وقد مال قدامة شيئًا إلى مذهب الأصمعي والخليل، حين زعم أن الطباق: هو اشتراك لفظة بعينها، مكررة في معنيين مختلفين (٢) مثل قول زياد العاجم:

ونبئتهم يستنصرون بكاهل ... وللؤم فيهم كاهل وسنام

وعد ابن رشيق هذا من باب المجانسة، إلا أنه رجع ففسر مذهب قدامة فيه تفسيرًا حسنًا، يوضح فيه نظرة قدامة إلى آراء الأوائل، قال (٣): "ألا ترى أنهم يقولون: "فلان يطابق فلانا على كذا". إذا وافقه عليه فيه، فيكون مذهب قدامة أن اللفظة وافقت معنى، ثم وافقت بعينها معنى آخر، ويصح هذا أيضًا في قول الخليل في الطباق: إنه جمعك بين الشيئين على حذو واحد، فيكون الشيئان للمعنيين، والخو الواحد للفظة -ا- هـ-". وقد زعم أبو هلال أن الذي سماه قدامة


(١) الصناعتين ٣٠٧.
(٢) نقد الشعر: ٩٧.
(٣) العمدة ٢: ٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>