للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

طباقًا يسميه الجمهور تعطفًا (١)، لأن معناه أن من ذكرهم يستنصرون بكاهل، وليسوا بأهل لأن تنصرهم كاهل. وقد ذكر أبو هلال شيئًا قريبًا من شاهد قدامة في باب المقابلة، حيث تمثل بقول عدي بن الرقاع:

ولقد ثنيت يد الفتاة وسادة ... لي جاعلا إحدى يدي وسادها

وأشبه بقول قدامة من هذا قول الآخر:

ولا زال محبوسًا عن الخير حابس

فهذا تجانس، والمضادة فيه ظاهرة، إذ جعل الحابس محبوسًا.

ولم يخل قدامة من نر إلى القدامى في حديثه عن التكافؤ (وهو الذي يسميه غيره طباقًا) لأنه زعم أن التكافؤ هو: "أن يصف الشاعر شيئًا أو يذمه ويتكلم فيه أي معنى كان، فيأتي بمعنيين متكافئين، والذي أريد بقولي متكافئين في هذا الموضع: أي متقاومين إما من جهة المصادرة، أو السلب أو الإيجاب، أو غيرهما من أقسام التقابل" (٢).

وقد كان في وسع قدامة أن يذكر التضاد في تعريف ما سماه التكافؤ، ولكنه عدل إلى التقابل والتقاوم، لأن هذا أدل على ما قصد القدماء من الحذو، ومن وضع الأيدي مكان الأرجل.

وقد حاول ابن رشيق أن يوفق بين آراء المتقدمين والمتأخرين وقدامة، ويدرجها جميعها تحت تعريف شامل للطباق، رواه عن علي بن عيسى الرماني، وهو قوله "المطابقة: المساواة في المقدار، من غير زيادة ولا نقصان" (العمدة ٢: ٦).


(١) الصناعتين: ٣٣٧.
(٢) نقد الشعر: ٨٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>