للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد خطأه ابن رشيق في هذا. ونسب أبا تمام إلى الزلل في هذا البيت، اقتداء بالآمدي، وإن كان لم ينسبه إليه من الجهة التي نسبها الآمدي (١).

ومما عده ابن رشيق في الطباق مقابلة الألوان، وأورد قول الرماني في ذلك، ومن شواهده قول عمرو بن كلثوم:

بأنا نورد الرايات بيضا ... ونصدرهن حمرا قد روينا

وقد سبق أن ذكرنا طرفًا من كلام الرماني في بيت الحسين بن مطير.

هذا، وقد انفرد ابن رشيق عن النقاد القدماء بحسب ما نعلم، بتخصيصه بابًا لما اشترك فيه التطبيق والتجنيس. قال (٢): من ذلك أن يقع في الكلام شيء مما يستعمل للضدين كقولهم "جلل" بمعنى صغير، و"جلل" بمعنى عظيم. فإن باطنه مطابقة، وإن كان ظاهره تجنيسًا. وكذلك الجون الأبيض والجون الأسود وما أشبه ذلك. وكذلك إن دخل النفي كما قدمت: قال البحتري:

يقيض لي من حيث لا أعلم الهوى ... ويسري إلي الشوق من حيث أعلم

أما القسم الثاني، فقد ذكرنا أنه يدخل في باب التكرار المحض، إذ ليس أعلم و"أعلم" جناسًا. وأحسب أن ابن رشيق استعمل كلمة جناس هنا بمعناها الواسع. وقد رأينا في معرض حديثنا عن التجنيس، ميله مع الرماني إلى إخراج أنواع التصرف منه. فعده التكرار جناسًا، هنا، من الغرائب.


(١) قال الآمدي (١٣٠): "ومما أخطأ فيه الطائي (وذكر البيت) وإنما قيل للقنا ذوابل: للينها وتثنيها، فنفى ذلك عن قدود النساء. ورأى ابن رشيق أن الطائي زل في مقابلة هاتا وتلك، يحسب إحداهما للقريب، والأخرى للبعيد، وليس الأمر كذلك.
(٢) العمدة ٢: ١٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>