للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقع فيه أكثر من طباق واحد: أي أكثر من ضدين، فهو مقابلة ثم إنه لم يجد هذا التوضيح كافيًا. فعقب على ما اشتراطه قدامة والنقاد من الموافقة، والمخالفة، بأن ذلك غير لازم فيها، وأنها قد تقع فيما ليس فيه موافقة ولا مخالفة، وسمي هذا موازنة، والحق أن ابن رشيق قد كشف عن ناحية مهمة جدًا في تركيب النظم، عندما تحدث عن الموازنة. ولو قد تفطن قليلا لأدرك أنها شيء أعم من المقابلة، وأن اشتراط النقاد للموافقة، في المقابلة خطأ في ذاته، وكان الواجب أن يكتفوا بشرط المخالفة، وأن يدركوا قوة العلاقة بينها (أي المقابلة) وبين الطباق، ويكشفوا عن حقيقتها.

وهذا، ومما يستحسن ذكره بصدد ما نحن فيه من عرضن آراء القدماء، أنهم قسموا الطباق أنواعا لا تخرج في جملتها عم سبق تقديمه. وقد خلط ابن رشيق فذكر قول المتنبي:

ضربن إلينا بالسياط جهالة ... قلما تواقفنا ضربن بها عنا

في باب الطباق، فقال: "ضربن إلينا: مجيء إقدام، وقوله: ضربن بها عنا ذهاب فرار، وهما ضدان"- وهو كذلك ولكن كان ينبغي أن يذكر هذا في الباب الذي افرده لما اشترك فيه الطباق والجناس. إذ كلام المتنبي كما ترى ظاهره تكرار وباطنه طباق. وقد ذكر ابن رشيق صنوفا ظاهرها تكرار وباطنها طباق في ذلك الباب.

وقد زعم ابن رشيق أن الجرجاني "أظنه القاضي عبد العزيز لا عبد القاهر" (١) عد مقابلة أسماء الإشارة من باب الطباق، واستشهد بقول أبي تمام:

مها الوحش إلا أن هاتا أوانس ... قنا الخط إلا أن تلك ذوابل


(١) توفي ابن رشيق ٤٦٣ هـ، وعبد القاهر سنة ٤٧١ هـ. وأما القاضي الجرجاني فقد شهد عصر الصاحب ابن عباد، راجع العمدة ٢: ٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>