ويصيد الصقر بالخرب، لا يعجزه شيء، وجدير أن يخاف العاقل من مكره.
والنوع الثالث من أنواع الأداء الطباقي، هو القياس، وذلك أن يعمد الشاعر إلى قضيتين متقابلتين، فيجمعهما معًا، بحيث يستنتج السامع منهما حكمًا. وقد تكون إحداهما هي النتيجة، والقضية الأولى أو الواسطة محذوفة. وقد تكون بينهما قضايا كثيرة محذوفة. ومثال ذلك قول حبيب:
إذا حدث القبائل ساجلوهم ... فإنهم بنو الدهر التلاد
فهنا قضيتان تؤديان إلى نتيجة هي أن أعداء الممدوحين لن ينتصروا عليهم. وبين هاتين القضيتين قضايا يمكن استخراجها في يسر. والنتيجة محذوفة، لكن لفظ القضيتين واضح الدلالة عليها.
ومثال آخر من شعره:
فطول مقام المرء في الحي مخلق ... لديباجتيه فاغترب تتجدد
وهنا، عندنا القضية الأولى، والنتيجة، والقضية الواسطة أشار إليها بلفظة "فاغتراب".
ومثال ثالث قوله:
ولكنني لم أحو وفرًا مجمعًا ... ففزت به إلا بشمل مبدد
ولم تعطني الأيام نوما مسكنا ... ألذ به إلا بنوم مشرد
والبيت الأول كأنه يريد أن يقول فيه: لا خير في مال يفرق بينك وبين أحبائك، أو يفرق شملك. وقد حذف هنا قضية واسطة مع النتيجة.
والبيت الثاني حذف فيه النتيجة، لدلالة قوله:"ألذ به" عليها. ويمكنك أن تقول إن قوله:"ففزت به" في البيت الأول يدل على النتيجة، وهي "لا فوز مع