للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خاصة، أظنه كنى بالمرأة العجوز عن أمه، ويقوي هذا الظن أن المعري كان مشغوفا جدا بأمه، وقد حزن غاية الحزن لفراقها، وكانت هي برة به إلى حد بعيد، ويظهر أنها كانت تؤثره بالعطف، وتقدمه على إخوته لعماه وضعفه. ولا يستبعد أن اعتماده عليها، وقيامها عليه، ولد في نفسه تلك العقدة الغريبة، التي يسميها علماء النفس "مركب أو ديب".

هذا، وللمعري غير هذه الهائية من الجياد، هائية أخرى تقاربها في الحسن، في لزوم مالا يلزم، مطلعها (١):

تهاون بالظنون وما حدسنه ... ولا تخش الظباء متى كنسنه

وفيها شطحات من حرية الفكر، وقد تحدث عنها الدكتور طه حسين بما لا مزيد عليه في كتابه "مع أبي العلاء في سجنه".

ومن الهائيات الحسنة التي لا أملك نفسي من الإشارة إليه هنا، قصيدة لبسط ابن التعاويذي، أولها (٢):

با؟ ؟ ذبت في الحب ... له شوقًا وصبوه

كلما زاد جفًاء ... زاد من قلبي حظوه


(١) للزوميات ٢ - ٢٩٧.
(٢) ديوان سبط ابن التعاويذي (مرجليوث، مصر ١٩٠٣، ص ٤٥٣ - ٤٥٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>