٧ - وينقسم الطباق بحسب الأداء إلى خطابي وإخباري أو تقريري. وهذا نسبي، فقد يكون الكلام بالنسبة إلى شاعر بعينه مذهبه الأناة والتمهل خطابيًا، ولكن إذا قيس إلى جنب كلام من هم أدخل وأقعد في مذهب الخطابة، بدا كأنه إخباري، وأوضح ما يكون مذهب الخطابة في الأنواع السالفة، أن تحذف المقدمات في طباق القياس، وألا يذكر شيء جامعٌ نتدرج تحته المتناقضات في طباق الجمع، وأن تكون المطابقة الازدواجية، في الطباق الازدواجي داخلةً في حيز القياس، أو الجمع بين النقائض. ويتجلى عنصر الإخبار في هذا النوع، إذا عمد الشاعر إلى تقوية أمر بذكر نقيضه، وفي النوع الذي يجمع بين المتناقضات، إذا قدم قبله أمرًا يصلح إدخال هذه المتناقضات تحته، وفي القياسي، إذا ذكرت النتائج ووضحت المقدمات، أو افتن الشاعر في عرض المقدمات بحيث تكون النتائج واضحة.
٨ - ليس الطباق بفن من فنون المولدين الخالصة، فهو كثير في أشعار القدماء، وكان مذهب القدماء فيه، مبنيًا على طلب الموازنة بين المعاني، ولكن مذهب المحدثين مبني على طلب المقابلة والمعادلة الهندسية بين الألفاظ والتراكيب، بحسب ما اقتضى حبهم للزخرف.
٩ - من المهم أن نتبين الفرق بين الطباق والجناس من حيث جوهرهما وسنخهما في طبيعة الصناعة الشعرية، والجرس اللفظي. فالجناس عامل يظهره أثره في وحدة الجرس، والطباق عامل يظهر أثره في تنويع هذه الوحدة. ولما كان الأمر كذلك، فان عنصر التحديد الذي أدخله المولدون في باب الجناس، ويبدو أوضح وأظهر من ذلك الذي أدخلوه في باب الطباق.