فكنت النهار به شمسه ... وكنت دجى الليل فيه الهلالا
ثم زاد به الأمر إضرابا، فخلط بين التسهيم والترديد الذي ذكرناه في باب الحديث عن التكرار، قال:"وسر الصنعة في هذا الباب: أن يكون معنى البيت مقتفيًا قافيته، وشاهدًا بها، دالا عليها، كالذي اختاره قدامة للراعي وهو قوله:
وإن وزن الحصى فوزنت قومي ... حدت ثرى ضريبتهم رزينا
فهذا النوع الثاني، هو أجود من الأول، للطف موقعه اهـ. وعني بالأول ما رأيته من قول جنوب، أخت عمرو ذي الكلب.
ومن اصطلاحاتهم التي تدل على التباس الأمر عليهم، ما سماه ابن رشيق "باب التفسير"، قال: "وهو أن يستوفي الشاعر شرح ما ابتدأ به مجملًا، وقلما يجيء هذا إلا من بيت واحدٍ، نحو قول الفرزدق، واختاره قدامة:
لقد جئت قومًا لو لجأت إليهم ... طريد دمٍ أو حاملًا ثقل مغرم
لألفيت منهم معطيًا ومطاعنا ... وراءك شزرًا بالوشيج المقوم
هذا جيدٌ في معناه، إلا أنه غريب مريب، لأنه فسر الآخر أولا، والأول آخرًا، فجاء فيه بعض التقصير والإشكال. على أن من العلماء من يرى أن رد الأقرب على الأقرب، والأبعد على الأبعد، أصح في الكلام. اهـ. وأقول مستطردًا: لله ابن رشيق كيف يجرح ويأسو!