للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ليلة صاحوا، وأغروابي سراعهم ... بالعيكتين، لدى معدى ابن براق (١)

كأنما حثحثوا حصا قوادمه، ... أو أم حثيفٍ، بذي شتٌ وطباق (٢)

لا شيء أسرع مني، ليس ذا عذرٍ، ... أو ذا جناح، بجنب الريد، خفاق (٣)

حتى نجوت، ولما ينزعوا سلبي ... بوالهٍ من قبيض الشد، غيداق (٤)

فقد بينا أماكن الوقف بالفصلات، وكلها اختيارية كما ترى، ولعلك تختصر بعضها في الإلقاء.

ومما يجري هذا المجرى قول الأسود بن يعفر النهشلي:

ومن الحوادث، لا أبالك، أنني ... ضربت علي الأرض بالأسداد، (٥)

لا أهتدي فيها لموضع تلعةٍ، ... بين العراق، وبين أرض مراد، (٦)

ولقد علمت، سوى الذي نبأتني ... أن السبيل سبيل ذي الأعواد، (٧)


(١) معدي ابن براق: أي مكان عدو ابن براق، وابن براق هو صاحبه عمرو بن براق.
(٢) حثحثوا: أي استحثوا. يعني كأنما استحثوا ظليمًا، والظليم يوصف بأن قوادمه، أي مقدمة جناحه وما ظهر منه، حص: أي لا ريش بها. والمفرد: أحص وحصاء. وأم الحشف: هي الغزالة، والخشف: ولدها. والشث والطباق من نبات البادية، فذو الشث والطباق: هو العزاز والصحراء.
(٣) ذو العذر: هو الحصان. الريد أعلى جانب الجبل، يعني لا شيء أسرع مني، إلا أن يكون حصانًا أو طائرًا، هذا إذا جعلت ليس على معنى الاستثناء. وإن شئت جعلتها النافية، ووصفت بها ما قبلها، ويكون المعنى نفسه. ولا يتجه أن تقول: أراد: ليس الحصان أسرع مني، لأنه نصب ذا العذر ولم يرفعه.
(٤) يجري واله هلع، كأنه المطر الغيداق المهمر.
(٥) هذا من قصيدته: "نام الخلي وما أحس رقادي" ص ٤٤٥ من المفضليات، وقوله: ضربت على الأرض، يريد أنه أعمى.
(٦) التلعة: مسيل الوادي. وأرض مراد: هي اليمن.
(٧) ذو الأعواد، ذكر ابن الأنباري أنه "جد أكثم بن صيفي من بني أسيد بن عمرو بن تميم كان معمرًا، وكان من أعز أهل زمانه، فاتخذت له قبة على سرير، فلم يكن خائف يأتيها إلا أمن، ولا ذليل إلا عز، ولا جائع غلا شبع". ثم يقول ابن الأنباري "لو أغفل الموت أحدًا لأغفل ذا الأعواد، وأنا ميت إذا مات مثله". وللبيت تفسير آخر ذكره ابن الأنباري، قال: "ويقال أراد بذي الأعواد الميت، لأنه يحمل على سرير" راجع ٤٤٧ من المفضليات.

<<  <  ج: ص:  >  >>