للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إن المنية والحتوف، كلاهما ... يوفي المخارم، يرقبان سوادي (١)

ماذا أؤمل بعد آل محرقٍ، .... تركوا منازلهم، وبعد إياد (٢)

أهل الخورنق، والسدير، وبارقٍ، ... والقصر، ذي الشرفات، من سنداد (٣)

ومن خير ما يتمثل به على التقسيم الخفي، كلمة أعشى باهلة الرائية [الكامل ٢: ٢٩١]، وسنذكرها هنا، وفيها شيءٌ كثيرٌ من التقسيم الواضح، وسننبه عليه في موضعه إن شاء الله. قال:

إني أتتني لسانٌ لا أسر بها، ... من عل، لا عجبٌ فيها، ولا سخر

فبت مرتفقًا للنجم، أرقبه .... حيران، ذا حذرٍ، لو ينفع الحذر

فجاشت النفس لما جاء جمعهم .... وراكبٌ جاء من تثليث معتمر،

يأتي على الناس، لا يلوي على أحدٍ ... حتى التقينا، وكانت دوننا مضر،

أقول: قف ساعة هنا أيها القارئ، أو "قم" كما كان يقول شوقي رحمه الله كلما أراد رياضة القوافي، وتأمل هذا الوصف المصور المعبر، سماع الشاعر لنبأ موت صاحبه المنتشر الباهلي، وتشككه في هذا الخبر، وسهره وحذره، ثم خروجه صبحًا إلى مجمع الناس، وجيشان نفسه إليه، لما جاء جمع القوم الذين كان فيهم المنتشر، وتركوه وراءهم قتيلًا، وهذا الراكب الذي يتخلل الناس حتى يصل إليه، ويبلغه الخبر المر:

ينعى امرأ لا تغب الحي جفنته ... إذا الكواكب أخطأ نوءها المطر،

من ليس في خيره شرٌ يكدره، ... على الصديق، ولا صفوه كدر


(١) قوله يوفي: أراد يوفيان، فرد الفعل على لفظ كلا. والمخارم: الطرق التي في الجبل. وسوادي أي شخصي. شبه الموت والحتف بصائدين كامنين في جبل يرقبان سواد الشاعر ليرمياه.
(٢) محرق: من ملوك غسان (راجع نفسه: ٤٤٨).
(٣) كل هذه قصور كانت بقرب الحيرة، وفي ذكراها ما يرجح أنه أراد بآل محرق المناذرة لا الغساسنة، كما ذكر ابن الأنباري".

<<  <  ج: ص:  >  >>