للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لحلاوة. وإن أصله لعذق. وإن فرعه لجناة (قال ابن هشام ويقال لغدق) وما أنتم بقائلين من هذا شيئًا إلا عرف أنه باطل. وإن أقرب القول فيه لأن تقولوا هو ساحر جاء بقول هو سحر يفرق به بين المرء وأبيه وأخيه إلخ ... ».

وعن ابن إسحق في موضع آخر ينسبه إلى النضر بن الحرث أنه قال (١):

«يا معشر قريش، إنه والله لقد نزل بكم أمر ما أتيتم له بحيلة بعد. قد كان محمد فيكم غلامًا حدثًا أرضاكم فيكم، وأصدقكم حديثًا، وأعظمكم أمانة، حتى إذا رأيتم في صدغيه الشيب وجاءكم بما جاءكم به قلتم ساحر لا والله ما هو بساحر، لقد رأينا السحرة ونفثهم وعقدهم، وقلتم كاهن، لا والله ما هو بكاهن. قد رأينا الكهنة وتخالجهم وسمعنا سجعهم. وقلتم شاعر لا والله ما هو بشاعر. قد رأينا الشعر وسمعنا أصنافه كلها هزجه ورجزه إلخ.».

ولعل النضر قد صدر بهذا القول عن ملأ من الوليد بن المغيرة وأضرا به فقد كان من شياطين قريش وبلغائها وأشدها حسدًا للرسول وعداوة لدعوته وقرآنه.

وفي القرآن نفسه ما يقوي شاهد هذه الأخبار التي رواها ابن إسحق من حيرة قريش والعرب إزاء بيان التنزيل وغرابته. من ذلك قوله تعالى: {وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا (٥)} (٢) ومنه أيضًا: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآَنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا (٣٢) وَلا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلاَّ جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا (٣٣)} (٣).

ومنه أيضًا: {لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ (٤)}.


(١) نفسه ١/ ٣١٨.
(٢) من سورة الفرقان.
(٣) من سورة الفرقان.
(٤) النحل.

<<  <  ج: ص:  >  >>