للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويقدح الطماح، فإن في كثرة ذكر الموت عصمة من الأشر. وأمانًا بإذن الله من الهلع». (نفسه-١١).

وفي هاتين القطعتين على قصرهما شاهد الإيقاع. إلا أن ابن المقفع كما ترى أشد روية وأبكأ درًا من عبد الحميد.

وتأمل بعد توقيعات الوزراء الأوائل أيام المهدي والهادي وهرون، من ذلك مثلاً ما رواه الجهشياري من مأثور حديث أبي عبيد الله: «التماس السلامة بالسكوت، أولى من التماس الحظ بالكلام، وقمع نخوة الشرف، أشد من قمع بطر الغني، والصبر على حقوق النعمة، أصعب من الصبر على ألم الحاجة. وذل الفقر قاهر لعز الصبر. كما أن عز الغني مانع من الإنصاف. إلا من كان في غريزته فضل كرم. وفي أعراقه مناسبة لعلو الهمة» (١).

وما رواه من كلام يحيى بن خالد بن برمك في بعض ما وصى به بنيه إذ يقول: «لابد لكم من كتاب وعمال وأعوان. فاستعينوا بالأشراف وإياكم وسفلة الناس. فإن النعمة على الأشراف أبقى. وهي بهم أحسن. والمعروف عندهم أشهر. والشكر منهم أكثر» (٢). وعن جعفر بن يحيى إذ وقع على رقعة دفع بها إليه بعض أبناء الرجاء: «هذا يمت بحرمة الأمل. وهي أقرب الوسائل. وأثبت الوصائل. فليعمل له من ثمرة ذلك عشرون ألف درهم. وليُمتحن ببعض الكفاية. فإن وجدت عنده، فقد ضم إلى حقه حقًا. وإلى حرمته حُرمة. وإن قصر عن ذلك فعلينا مُعوله وإلينا موئله. وفي مالنا سعة له» (٣). وكل هذا كما ترى واضح الإيقاع، ظاهر الطريقة في التقسيم والموازنة والازدواج والسجع.


(١) الوزراء والكتاب ١٦٥.
(٢) نفسه ١٧٩.
(٣) نفسه ٢٠٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>