وقد حاكى الخليل هذا الوجه المحتمل في طريقة الشعراء فمثل لجزء الرجز بقوله «مستفعلن». ولكن هذا التمثيل كما ترى وصف تقريبي وليس بحد كامل. لأن «مستفعلن» هذه في الإمكان تصورها «متفعلن» أو «مفتعلن» - وذلك بأن يصب الشاعر مقطعًا قصيرًا (كما يقول اللغويون) في قالب الضربة الأولى التامة فيصير الوزن هكذا:
م تف علن
تم تم تم تم
فيكون الشاعر كأنه استشعر سكتة بعد «م» هذه من غير محاولة منه لتقصير الضربة. وننبهك ههنا -من قبيل الاستطراد- إلى موضع (علن) في بياننا. وهي ما يسميه العروضيون «وتدًا مجموعًا». وعندي أنهم قد راموا بذكر الوتد المجموع (علن) والمفروق (تفع) نوعًا من البيان النمي، ومن هنا أراهم أدق من الذين اكتفوا بالبيان المقطعي وحده. إذ (علن) و (تفع) فيهما معان نغمية أكثر من مجرد قولنا (U-) أو (U-). وقس على ذين قولهم «فاصلة كبرى» و «فاصلة صغرى». وما أرى القوم إلا قد عجزوا عن الكتابة الموسيقية فالتمسوا الأسماء للنغم، مع الذي قدمته من تأثرهم بنظام النحو.
معنى الزحاف:
هذا وقد يجيء الشاعر في جزء الرجز بمقطع قصير في مكان الضربة الثانية هكذا: