للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فهذا في أجزائه الثلاثة الأول ألوان من الزحف والخطف. إذ بعد (شهدت) سكتة يسيرة وفي الهمزة من (أقب) سكتة تكاد تختفي في المد والتسهيل. وفي اللام الساكنة من «أقب إلخ» اختلاسة راقصة، سببها إتمام الجزء الثالث إتمامًا مقطعيًا، والذي يجري عليه الشعراء مزاحفته بالقبض هكذا (رخو لبان). ولابد ههنا من التنبيه على أن قلقلة اللام مما يفسد سياق الموسيقا في هذا البيت، وكثيرًا ما يقلقلها المعاصرون، وهي حرف هين لين، والقلقلة تحدث فيه سكتة يزيد بها حجم النغم.

هذا قول المعري في آخر حديثه: «فيقول امرؤ القيس أما أنا فما قلت إلا بزحاف». هو النص الذي أردنا إليه من سياق الحديث وفي خزانة الأدب رأى عيسى صاحبه أن يكون نظر فيه إلى مقالة المعري هذه (١).

ضربات الوزن:

لعله الآن قد وضح مرادنا من القول بأن الوزن يدور على نسب وضربات لا على مجرد مقطعية، وما ذكرناه بمعرض التبيين عن ألوان الزحاف الظاهر، التي حسبها المحدثون خللاً وليست به، مما يساعد على إبراز هذا المعنى.

والآن نلفت القارئ إلى ألوان الزحاف الخفي والعلل مما تقبله المحدثون ولم يعيبوه بأنه تنبو عنه الآذان كالذي تمثلنا به من قول دريد:

أخب فيها وأضع

وكالذي في بيت عنترة:

وإذا شربت فإنني مستهلك ... مالي وعرضي وافر لم يكلم

فالذي نراه أن هذه الزحافات الخفية في (مستهلك إلخ) وفي (أخب) لم تنشأ


(١) أحسبه في أوائل الجزء الأول، وند عني موضعه.

<<  <  ج: ص:  >  >>