فيقول ثبت الله تعالى الإحسان عليه، أخبرني عن قولك:
ألا رب يوم لك منهن صالح ... ولا سيما يوم بدارة جُلجل
أتنشده (لك منهن) فتزاحف الكف؟ أم تنشده على الرواية الأخرى؟ فأما يوم فيجوز فيه النصب والخفض والرفع. فأما النصب فعلى ما يجب للمفعول من الظروف والفاعل في الظرف ههنا فعل مضمر. وأما الرفع فعلى أن تجعل (ما) كافة. وما الكافة عند بعض البصريين نكرة. وإذا كان الأمر كذلك (فهو) بعدها مضمرة، وإذا خفض يوم فما من الزيادات ويشدد سي ويخفف. فأما التشديد فهو اللغة العالية وبعض الناس يُخفف. ويقال أن الفرزدق مر وهو سكران على كلاب مجتمعة فسلم عليها، فلما لم يسمع الجواب أنشأ يقول:
فما رد السلام شيوخ قوم ... مررت بهم على سكك البريد
ولا سيما الذي كانت عليه ... قطيفة أرجوان في القعود
فيقول امرؤ القيس -أما أنا فما قلت ألا بزحاف- (لك منهن صالح) - وأما المعلمون في الإسلام فغيروه على حسب ما يريدون ولا بأس بالوجه الذي اختاروه ا. هـ (١)».
وجلي من هذه المقالة أن المعري كان يرى نحوًا من هذا القول الذي نقول به من أن أوزان الشعر إنما هي نسب زمنية وضربات موسيقية. فمتى وقع عند الشاعر أنها استقامت له، فلا بأس عليه أن يختلس المقطع أو يريث به في داخل ما اختاره من قوالب الوزن والأبيات التي ذكرها المعري من شعر امرئ القيس مما يوضح هذا أجمل توضيح ... خذ مثلاً قوله:
شهدت على أقب رخو اللبان
(١) رسالة الغفران للمعري تحقيق ابنة الشاطي- دار المعارف مصر- ١٩٥٠ - ص ٣٠٧ - ٣١٠.