ولا يخفى أن نحو هذا إنما كان يراد به محض الترنم، لتباعد أطراف معانيه، وأحسب أن هذين البيتين خلصا إلينا لارتباطهما ببعض ما جاء في الحديث. إذ هما كالمشار إليهما في حديث البخاري عن غناء الجواري في عرس الربيع بنت معوذ بن عفراء، وذلك أن الجواري أنشدن «وفينا نبي يعلم ما في غد» فنهى عن ذلك الرسول صلى الله عليه وسلم إذ لا يعلم الغيب إلا الله، ولم ينهين عن الغناء نفسه. والله أعلم.
هذا وشواهد الإيطاء والإقواء وتقارب المخارج نحو:
بُني إن البر شيء هين ... المنطق اللين والطعيم
كلها مما يقوي حجتنا في أن أمر القوافي لم يبدأ محكمها. ولعل أكثر الأنماط الشعبية لم تكن تلتزم الإحكام أو تعمد إليه. وفي فواصل القرآن ما ينبئنا أن تشابه الوزن والجرس وتقارب المخرج ربما نزل منزلة الروي كالذي في سورة الطور مثلاً: {وَالطُّورِ (١) وَكِتَابٍ مَسْطُورٍ (٢) فِي رَقٍّ مَنْشُورٍ (٣) وَالْبَيْتِ الْمَعْمُورِ (٤) وَالسَّقْفِ الْمَرْفُوعِ (٥)}.