للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد ذكروا أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعجبه الرجز (١) وقد تعلم فيما روى أصحاب السير أن عمرو بن سالم الخزاعي أنشده صلى الله عليه وسلم الرجز وهو يستنصر به على قريش إذ نقضوا صلح الحديبية:

إن قريشًا أخلفوك الموعدا

ونقضوا ميثاقك المؤكدا

واشتقاق لفظ الرجز نفسه يدل على الحركة. إذ يقال أرتجز الرعد. وإنما طُول الرجز وذُهب به مذهب الروي الواحد بعد تمصير الكوفة والبصرة. وأحسب أن العرب اتخذته ضربًا من الملهاة تتبدى به في حضارتها الجديدة. واحتاجت إلى أن تطوله لأن ذلك أدخل في حاق التسلية. وهذا باب سنعرض له إن شاء الله. ومما يدلك على معنى مما نروم إليه في أمر الملهاة والتسلية أخبار أبي النجم العجلي مع هشام بن عبد الملك (٢)، وخبر العجاج ودكين الراجز إذ كانا يجمعان الصبيان ليسمعا تراجزهما. وزعم العجاج أن الصبيان يُغلبون ويُبلغون (٣). وقصة أبي النجم مع العجاج من هذا القبيل، إذ جاء على جمل أجرب، فاهتاج جمله إلى ناقة العجاج، وجعل ينشد (٤):

إني وكل شاعر من البشر ... شيطانه أنثى وشيطاني ذكر

والناس يضحكون من المنظر وعندهم أن أبا النجم قد غلب وقد كانوا مما ينحون في ملهاة الرجز وغيره، منحى الفُحش. والفُحش قد يكون من فكاهات البداوة، ما دام لا يشوبه قذع مريض. وأعني بالقذع المريض نحو هذا الذي نجده


(١) انظر النهاية لابن الأثير مادة رجز (بولاق) ٢ - ٦٧.
(٢) الأغاني (ترجمة أبي النجم).
(٣) ند عني موضع هذا الخبر.
(٤) الأغاني (ترجمة أبي النجم).

<<  <  ج: ص:  >  >>