للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عند ابن حجاج وابن سكرة ممن نفقوا بأخرة عند بعض الأذواق المتحضرة. وهذا باب نامل أن نتناوله في موضعه (١)، ونتمثل له بشيء يسير إذ أمثلته كثيرة لا يكاد يخلو منها مرجع قديم من كتب اللغة والأدب والأخبار وهلم جرًا.

هذا، وأما الهزج فيبدو أنه لقب كان يطلق على أصناف من الغناء الخفيف، وفي اللسان «كأنها جارية تهزج» (راجع المادة)، والذي استشهدنا به آنفًا من كلام الوليد بن المغيرة، حيث قسم الشعر إلى قريض وهزج رجز، ينبئك أنهم كانوا يرون الهزج أمرًا غير القريض. ولعل أبيات جواري الربيع بنت معوذ بن عفراء: «وأهدى لنا أكبشًا إلخ» -وهن متقارب قصير- مما كان يدخل في مدلول مسمى الهزج، لا أنه كان مقصورًا على ما كانت تفعيلاته هزجية لا غير، نحو «عفا من آل ليلى الحزم» وهلم جرا. ولعل أكثر قصار الأوزان تدخل هذا المدخل. ألم يقولوا عن بائية عبيد بن الأبرص أنها من قري الخطب (٢)؟ أم لم يذكروا عن الخليل أنه لم يكن يعد الرجز المشطور والمنهوك من الشعر؟ وأحسبه أراد بالشعر القصيد خاصة ههنا- وهذا قول العرب إذ كانوا يفرقون بين الشاعر صاحب القصيد وبين الراجز صاحب المشطور (٣) - وإلى هذا المعنى أشار المعري في رسالة الغفران، إذ جعل الرجاز في


(١) في معرض الحديث عن رفث القول في باب الغزل وغيره.
(٢) أحسب من قال ذلك قاله إذ وجد وزن البانية قصيرًا ثم لم يجدها من أصناف الغناء القصير الهين اليسير إذ هي طويلة ذات روي متلئب كالذي يقع في قصائد الطويل والوافر والكامل، على ما في وزنها من اضطراب. وقد أنكر ابن سلام منها ومن سائر شعر عبيد سوى البيت الأول (انظر طبقات فحول الشعراء-١١٦ - وعلق الشارح المحقق الأستاذ محمود محمد شاكر بقوله (هامش ٢) «وقصيدته هذه من أجود الشعر» وهو مذهب ابن قتيبة «الشعر والشعراء ٢٢٥/ ٢٢٦» ووددت لو قد فصل شيئًا وبسط القول.
(٣) راجع اللسان (رجز) والنهاية ٢ ك ٦٧ تجد مذهب الخليل فيما نسب إليه من إدخال الرجز في الشعر وإخراجه منه مبسوطًا. ولا يخلو جميع ذلك من التكلف وشق الشعر. ولا ريب أن الخليل قد كان متدينًا إلا أني استبعد أن يكون تدنيه الجأه إلى القول بأن مشطور الرجز إنما هو أنصاف أبيات وليس بشعر لأنه يجوز مجيء أنصاف الأبيات على لسان النبي صلى الله عليه وسلم دون الأبيات الكوامل. وقد روى في الأثر بيتان من المنهوك وآخران من المشطور على لسانه الشريف. وهذا القول عندي أشبه بالأخفش وقد نسبه صادقًا إلى نفسه فيما أرى.

<<  <  ج: ص:  >  >>