للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وَقَالَ عبدُ اللهِ أيضًا: سُئِلَ أَبي عَن "حَبَلِ الحَبَلَةِ"؟ (١) قَالَ: الَّتِي فِي بطنِهَا إِذَا وضَعَتْ وتَحْمِلُ. نهَى (٢) النَّبِيُّ عَنْه؛ لأنَّهُ غَرَرٌ، يقولُ:


(١) غريب أبي عُبَيْدٍ (٨/ ٢٠١)، وتفسير غريب الموطَّأ لابن حَبِيْبٍ (١/ ٣٨٦)، والمُحكم (٣/ ٢٧٣)، وتهذيب الألفاظِ (٣٤٥)، والتَّمهيد لابن عبد البرّ (١٣/ ٣١٥)، والصِّحاح، واللِّسان، والتَّاج: (حبل). وشرحُ حَبَل الحَبَلة جاءَ في حديث "الموطَّأ" وهو حديثُ مالكٍ، عن نافعٍ، عن عبد الله بن عُمَرَ: "أَنَّ رَسُوْلَ الله نَهَى عَنْ بَيع حَبلِ الحَبَلةِ، وَكَانَ بَيْعًا يَتَبَايَعُهُ أهلُ الجَاهليَّة، كَانَ الرَّجُلُ يَبْتَاعُ الجَزُوْرَ إِلى أَن تُنْتَجَ النَّاقَةُ ثُمَّ تَنْتَجَ الَّتِي في بَطْنِها" قَالَ الحَافِظُ أبو عمر بن عَبْدِ البَرِّ: "وإِنْ لَمْ يَكُن تفسيره مرفوعاً فهو من قِبَلِ ابن عمر وَحَسْبُكَ به، وبهذا التَّأْوِيْلُ قال مَالكٌ والشَّافعيُّ وأصحابُهُما، وهو الأَجَلُ المَجْهُولُ، ولا خِلَافَ بينَ العُلماءِ أَنَّ البيعَ إلى مثل هذا من الأجَل لا يَجُوْزُ". وقال أبو عمر أيضًا: "وقال آخرون في تأويل هذا الحديث: معناه بيع ولد الجَنين الَّذي في بطنِ النَّاقةِ، هذا قول أبي عُبَيْدٍ، عن ابن عُلَيَّةَ، هو نِتَاجُ النِّتاجِ. وبهذا التأْويل قال أحمدُ بن حنبل، وإسحاق بن راهويه، وقد فسَّر بعضُ أصحابِ مالك هذا الحديث بمثل ذلك أيضًا. وهو بيعٌ مجمعٌ على أنَّه لا يجوزُ ولا يحلُّ؛ لأنَّه بيعُ غَرَرٍ مَجهولٍ، وبَيْعُ ما لم يُخلق، وقد أجمع العلماءُ على أنَّ ذلك لا يجوزُ في بيعِ المُسلمين".
وثَمَّتَ تَفْسير ثالثٌ نقله الوَقَّشِيُّ الأنْدَلُسِيُّ في "تعليقه على الموطَّأ" كما نقله غيره من العلماءِ، ونسبوه إلى أبي العبَّاس أحمد بن يحيى ثعلب، أَنَّه قال: معنى حَبَلِ الحَبَلَةِ عندي؛ إِنَّمَا يعني به حَمْلِ الكَرْمَةِ قبل أن تَبْلُغَ، وَجَعَلَ حملها قبل أن تبلغَ حبلاً، كما نهى عن بيعِ ثمرِ النَّخْلِ حتَّى تُزْهِيَ". وردَّ عليه الوَقَّشِيُّ بقوله: "قال (ش): إِنَّما قال ذلكَ؛ لأنَّه أنكر أَنْ تُجْمَعَ (حُبْلَى) على (حَبَلَةٍ) وأن لا يُستعمَلَ الحَبَلُ إلَّا في النِّساءِ، والحَبَلُ وإِنْ كَانَ للنِّسَاءِ فهو يُستعارُ لغيرهنَّ حكى ذلك أبُو زَيْدٍ وغيره … " وَذَكَرَ كَلَامًا جيِّدًا تَجِدْه هُنَاكَ. ونشر الكتاب بتحقيق الفقير إلى الله تَعَالَى. ولله المِنَّةُ.
(٢) في (ب) و (جـ): "نهي". وفي (أ) عليها علامة تصحح مما يؤكد صحتها.