للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

العَمِيْد (١) يَقُوْلُ: مَا كُنْتُ أَظُنُّ أَنَّ في الدُّنْيَا حَلَاوَة أَلذَّ من الرِّئاسَةِ والوَزَارَة الَّتي أَنَا فِيْهَا، حَتَّى شَاهَدْتُ مُذَاكَرَةَ الطَّبَرَانِيِّ والجِعَابِيِّ (٢) بحَضْرَتِي، فكَانَ الطَّبَرَانِيُّ يَغْلِبُ الجِعَابِيَّ بِكَثرةِ الحِفْظِ، وكَانَ الجِعَابِيُّ يَغْلِبُ الطَّبَرَانِيَّ بِفِطْنَةِ وذَكَاءِ أَهْلِ بغْدَادَ، حَتَّى ارتَفَعَتْ أَصْواتُهُمَا، ولَا يَكَادُ أَحَدُهُمَا يَغْلَبُ صَاحِبَهُ، فَقَالَ الجِعَابِيُّ: عِنْدي حَدِيْثٌ لَيْسَ في الدُّنْيَا إلَّا عِنْدِي، فَقَالَ: هَاتِهِ، فَقَالَ (٣): حَدَّثَنَا أَبُو خَلِيْفَةَ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بن أَيُّوبَ -وحَدَّثَ بالحَدِيْثِ- فَقَالَ الطَّبَرَانِيُّ: أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بنُ أَيُّوبَ، ومنِّي سَمِعَهُ أَبُو خَلَيْفَةَ، فاسْمَعْهُ مِنِّي حَتَّى يَعْلُوَ إِسْنَادُكَ، فَإِنَّكَ تَرْوِيْ عَنْ أَبِي خَلِيْفَةَ عَنِّي، فَخَجَلَ الجِعَابِيُّ، وغَلَبَهُ الطَّبَرَانِيُّ. قَالَ ابنُ العَمِيْدِ: فَوَدَدْتُ في مَكَانِ الوَزَارَةٍ والرِّئَاسَةِ لَيْتَهَا لَمْ تَكُنْ لِي، وكُنْتُ الطَّبَرَانِيَّ، وفَرِحْتُ مِثْلَ الفَرَحَ الَّذِي فرِحَ بِهِ الطَّبَرَانِيُّ، لأَجْلِ الحَدِيْثِ.

ورَوَى عَنْهُ جَمَاعَةٌ. مِنْهم: أَبُو خَلِيْفَةَ الفَضْلُ بنُ الحُبَابِ، وعَبْدَانُ، وجَعْفَرٌ الفِرْيَابِيُّ، ومَنْ بَعْدَهُمْ؛ أَبُو العَبَّاسِ بنُ عُقْدَةَ الحَافِظُ، وأَبُو عَبْدِ اللهِ ابنُ مَنْدَه الحَافِظُ الأصْبَهَانِيُّ.

قَالَ الطَّبَرَانِيُّ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بنَ أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ يَقُوْلُ: سَمِعْتُ


(١) هو الوَزِيْرُ والكاتبُ المشهورُ محمَّد بن الحُسين بن محمد (ت ٣٦٠ هـ). يُراجع: وفيات الأعيان (٥/ ١٠٣)، وسير أعلام النُّبلاء (١٦/ ١٣٧)، والوافي بالوفيات (٢/ ٣٨١)، والنُّجُوم الزَّاهرة (٤/ ٦٠)، والشَّذرات (٣/ ٣١)، وكلامُ ابنِ العَمِيدِ هَذَا مَفُخَرَةٌ لأهلِ العِلْمِ.
(٢) سبق التعرف به، وتكرر ذكره مرارًا.
(٣) في (ط): "فقال الطَّبَرَانِيُّ".