للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

القَوْلُ، والأعْمَالُ شَرَائعُ فهو مُرْجِئٌ، ومَنْ زَعَمَ أَنَّ الإيمانَ يَزيدُ ولا يَنْقُصُ فَقَدْ قَالَ بقَولِ المُرْجِئَةِ، ومَنْ لم يَرَ الاستثناءَ في الإيْمَانِ فهو مُرْجِئٌ. وَمَنْ زَعَمَ أنَّ إيمَانَهُ كإِيمانِ جِبْرِيْلَ ومِيْكَائِيْلَ والمَلَائِكةِ فهو مُرْجِئٌ، ومَنْ زَعَمَ أَنَّ المَعْرِفَةَ تَنْفَعُ في القَلْبِ لا يُتَكَلَّمُ بها فهو مرْجئٌ.

قَالَ: والقَدَرُ خَيْرُهُ وشَرُّهُ، وقَليلُهُ وكَثيْرُهُ، وظَاهِرُهُ وباطِنُهُ، وحُلْوُهُ ومُرُّهُ، ومَحْبُوبُهُ ومَكْرُوْهُهُ، وحَسَنُهُ وسَيِّئُهُ، وأَوَّلُهُ وآخِرُهُ من اللهِ، قَضَاءً قَضَاهُ، وقَدَرًا قَدَّرَهُ عَليهم، لا يَعْدُو واحدٌ منهم مَشِيْئَةَ اللهِ ﷿، ولا يُجَاوِزُ قَضَاءَهُ: بلْ هُمْ كلُّهُمْ صَائِرُونَ إِلَى مَا خَلَقَهُمْ لَهُ، واقِفُونَ فيما قَدَّرَ عَلَيْهِمْ لأفْعَالِهِ، وهو عَدْلٌ منه عَزَّ رَبُّنَا وجَلَّ. والزِّنَا، والسَّرِقَةُ، وشُرْبُ الخَمْرِ، وقَتْلُ النَّفْسِ، وأَكْلُ المَالِ الحَرَامِ، والشِّرْكُ باللهِ، والمَعَاصِيْ كُلُّهَا بِقَضَاءٍ وقَدَرٍ، من غَيْرِ أَن يكونَ لأحَدٍ من الخَلْقِ على اللهِ حُجَّةٌ، بل للهِ الحُجَّةُ البَالِغَةُ على خَلْقِهِ ﴿لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ (٢٣)(١) وعِلْمُ اللهِ ﷿ مَاضٍ في خَلْقِهِ بمشيئةٍ منه، قَدْ عَلِمَ من إِبْلِيْسَ ومِنْ غَيْرِهِ ممَّنْ عَصَاهُ -من لَدُن أَنْ عُصِيَ إِلى أن تَقُوْمَ السَّاعَةُ- المَعْصِيَةَ، وخَلَقَهُمْ لَهَا، وعَلِمَ الطَّاعَةَ مِنْ أَهْلِ الطَّاعةِ وخَلَقَهُمْ لَهَا، وكُلٌّ يَعْمَلُ لِمَا خُلِقَ لَه، وصَائرٌ إلى مَا (٢) قُضِيَ عَلَيْهِ وعُلِمَ مِنْهُ، لا يَعْدُو واحدٌ منهم قَدَرَ اللهِ ومَشِيْئَتَهُ، واللهُ الفَاعِلُ لِمَا يُرِيْدُ، الفَعَّالُ لِمَا يَشَاءُ.


(١) سورة الأنبياء.
(٢) في (ط): "لما".