للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ومَنْ زَعَمَ أَنَّ اللهَ شَاءَ لِعِبَادِهِ الَّذين عَصَوْهُ الخَيْرَ والطَّاعةَ، وأَنَّ العِبادَ شَاءُوا لأنفسِهِم الشَرَّ والمَعْصِيَةَ، فَعَمِلُوا على مَشِيْئَتِهِمْ، فقَد زَعَمَ أَنَّ مشيئةَ العبادِ أغْلَظُ من مَشيئةِ اللهِ ، فَأَيُّ افتراءٍ أكثرُ على اللهِ ﷿ من هذَا؟!

ومَنْ زَعَمَ أَنَّ الزِّنَا ليس بقَدَرٍ، قيلَ لَهُ: أَرَأَيْتَ هذِه المرأةُ، حَمَلَتْ من الزِّنَا، وجاءَتْ بولدٍ، هل شَاءَ اللهُ ﷿ أَنُ يَخْلُقَ هَذَا الوَلَدَ؟ وهَل مَضَى في سَابِقِ عِلْمِهِ؟ فَإِنْ قَالَ: لَا، فَقَدْ زَعَمَ أَنَّ مَعَ اللهِ خَالِقًا، وهذَا هو الشِّرْكُ صُرَاحًا.

ومَنْ زَعَمَ أَنَّ السَّرِقَةَ، وشُرْبَ الخَمْرِ، وأَكْلَ المالِ الحَرَامِ لَيْسَ بِقَضَاءٍ وقَدَرٍ فَقَدْ زَعَمَ أَنَّ هذَا الإنسانَ قَادِرٌ على أَنْ يَأْكُلَ رزقَ غَيْرِهِ، وهذَا صُرَاحُ قولِ المَجُوْسِيَّةِ، بل أَكَلَ رِزْقَهُ، وقَضَى اللهُ أَنْ يَأْكُلَهُ من الوَجْهِ الَّذِي أَكَلَهُ.

ومَنْ زَعَمَ أَنَّ قَتْلَ النَّفْسِ ليس بقَدَرٍ مِنَ اللهِ ﷿، وأَنَّ ذَلكَ بمشيئَتِهِ في خَلْقِهِ، فَقَدْ زَعَمَ أَنَّ المَقْتُولَ مَاتَ بغَيْرِ أَجَلِهِ، وأَيُّ كُفرٍ أَوْضَحُ مِنْ هذَا؟ بَلْ ذَلكَ بِقَضَاءِ اللهِ ﷿، وذَلكَ بمشيئَتِهِ في خَلْقِهِ، وتَدبِيْرِهِ فيهم، ومَا جَرَى من سَابقِ عِلْمِهِ فيهم، وهو العَدْلُ الحَقَّ الَّذي يَفْعَلُ مَا يُرِيْدُ، ومَنْ أَقَرَّ بالعِلْمِ لَزِمَهُ الإقْرارُ بالقَدَرِ والمَشيئَةِ على الصِّغر والقَمَأ (١).

ولا نَشهَدُ على أحدٍ من أهلِ القِبْلَةِ أَنَّه في النَّارِ لذَنْبٍ عَمِلَهُ، ولا لكَبِيْرَةٍ آتَاهَا، إلَّا أن يكونَ في ذلك حَدِيْثٌ، كَمَا جَاءَ على ما رُوِيَ


(١) القليلُ الحقيرُ.