للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ويَعْرِفُوْنَ لَهُ وَرَعَهُ وتَقْوَاهُ، واجتِهَادَهُ وزُهْدَهُ، وأَمَانَتَهُ في المُسْلِمين، وفَضْلَ عِلْمِهِ، ولَقَدْ انْتَهَى إِلَيْنَا أَنَّ الأئمَّةَ الَّذينَ لمْ نُدْرِكْهُمْ كَانَ مِنْهُم مَنْ يَنْتَهِي إِلى قَوْلهِ، ويَسأَلُهُ، ومِنْهُم مَنْ يُقَدِّمُهُ ويَصِفُهُ، ولَقدْ أُخْبِرْتُ أَنَّ وَكِيْعَ بنَ الجَرَّاحِ كانَ رُبَّمَا سَأَلَهُ؛ وأَنَّ عبدَ الرَّحْمَن بنَ مَهْدِيْ كانَ يَحْكِيْ عنه، ويَحْتَجُّ بِهِ، ويُقَدِّمُهُ في العِلْمِ ويَصِفُهُ، وذلك نَحْوَ سِتِّين سَنَة، وأُخْبِرْتُ أَنَّ الشَّافِعِيَّ كانَتْ أكثرُ مَعْرِفَتِهِ بالحَدِيْثِ مِمَّا تَعَلَّمَ مِنْه، ولَقَدْ أُخْبِرْتُ أَنَّ إِسْمَاعِيْلَ بنَ عُلَيَّة كان يَهَابُهُ، وقالَ لي شَيْخٌ مَرَّةً: ضَحِكْنَا مِنْ شَيءٍ، وثَمَّ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ، فَجِئْنَا بَعْدُ إِلى إِسْمَاعِيْلَ فَوَجدْنَاهُ غَضْبَانًا، فقَالَ: تَضْحَكُوْنَ وعِنْدِيْ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ؟ وأُخْبِرْتُ أَنَّ يَزِيْدَ بنَ هَرُون (١) ذَكَرَهُ فَبَكَى، وأُخْبِرْتُ أَنَّ يزيدَ عَادَهُ في مَنزلهِ، وأُخبِرْتُ أَنَّ أَبَا عَاصِمٍ (٢) قَالَ: مَا جَاءَنَا مِثْلَهُ، وكَمْ بَلَغَنَا مِثْلَ هَذَا، وذكر تَمَامَ الرِّسَالَةِ بطُولهَا.

وقَالَ أَبُو بَكْرٍ الخَلَّالُ -وَذَكَرَ الأثْرَمَ- فَقَالَ: جَلِيْلُ القَدْرِ، حَافِظٌ. وكانَ عَاصِمُ بنُ عَليِّ بن عَاصِمٍ (٣) لما قَدَمَ بَغْدَاد طَلَبَ رَجُلًا يُخرِّجُ لَهُ


(١) ذكره المؤلِّفُ في موضعه رقم (٥٥٥).
(٢) هو أبو عاصمٍ النَّبيلُ. سبق ذكره.
(٣) عاصمُ بنُ عليِّ بن عَاصِمِ بن صُهَيْبٍ الوَاسِطِيُّ أبُو الحُسين، وقيل: أبو الحَسَن القُرَشِيُّ التَّيْمِيُّ مَوْلَى قَرِيْبَةَ بنتِ مُحَمَّدِ بنِ أبي بكرٍ الصِّدِّيقِ، مُحَدِّثٌ تُوفي سنة (٢٢١ هـ) بواسط. أخبارُهُ في: طبقات ابن سعد (٧/ ٣١٦)، وطبقات خليفة (٣٢٧)، وتاريخ بغداد (١٢/ ٢٤٧)، وسير أعلام النُّبلاء (٩/ ٢٦٢)، وتهذيب التَّهذيب (٤/ ٤٩). قال الحافظُ المِزِّيُّ في "تهذيب الكمال" (١٣/ ٥١١): "وقدم بغداد وحدَّث بها زمانًا طويلًا، ثم عاد إلى واسط =