للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= فمن مصنَّفات أبي عبد الرَّحمن بقيِّ بنِ مخلدٍ كتابه في "تفسير القُرآن" الَّذي أقطعُ قَطْعًا لا استثناءَ فيه أَنَّه لم يؤلَّف في الإسلامِ مثلَهُ لا تَفْسِيْرَ محمَّدِ بنِ جَريرٍ ولا غيره. ومنها في الحديث "مصنَّفُهُ الكَبِيْرِ" الَّذي رتَّبه على أسماء الصَّحابة ، فروى فيه عن ألفٍ وثلاثمائة صاحبٍ، ثم رتَّب حديثَ كلِّ صَاحبٍ على أسماءِ الفقهِ وأبوابِ الأحكامِ فهو مصنَّفٌ، ومُسنَدٌ، وما أعلمُ هذه الرُّتبة لأحدٍ قبله مع ثِقَتِهِ، وضَبْطِهِ، وإتْقَانِهِ، واحتفالِهِ فيه في الحَديثِ، وجودةِ شُيُوخِهِ، فإِنَّه روى عن مائتي رجلِ وأربعمائة رجلٍ ليس فيهم عشرةٌ ضُعَفَاء، وسائرُهُم أعلامٌ ومشاهيرُ، ومنها "مُصَنَّفُهُ" في فتاوى الصَّحابة والتَّابعين ومَنْ دونَهُم الَّذي أَرْبَى فيه على "مُصَنَّف" أبي بكر بن أبي شَيْبَةَ، و"مُصَنَّف" عبد الرزَّاق بن همَّامٍ، و"مُصَنَّفَ" سَعيْدِ بنِ مَنْصُورٍ وغيرها … فصارت تواليفُ هذا الإمام الفاضل قواعدَ للإسلامِ لا نظيرَ لها، وكان متخيِّرًا لا يقلِّدُ أحدًا، وكان ذا خاصَّةٍ من أحمد بن حنبلٍ، وَجَاريًا في مِضمارِ أبي عبد الله البُخاري، وأبي الحُسين مسلم بن الحجَّاج النَّيْسَابُورِيِّ، وأبي عبد الرَّحمن النَّسائِيّ رحمة الله عليهم هذا آخر كلام أبي محمَّدٍ".
ونَقَلَ الحافظُ الذَّهَبيُّ عن ابن بشكوال في غير كتاب "الصِّلة" ونَقَلَ أيضًا من خَطِّ شَيْخِهِ أبي الوَليدِ بن الحَاجِّ حكايةً طويلةً لدُخوله بغداد، واجتماعه بالإمام أحمد أيَّام محنته نقلاها من كتاب حفيده عبد الرَّحمن بن أحمد بن بَقِيٍّ، قال في صدر الحكاية: "قال عبد الرَّحمن بن أحمد بن بقيٍّ: سمعتُ أبي يقولُ: رَحَلَ أبي من مكَّة إلى بَغداد، وكان جُلُّ بغيته ملاقاةَ أحمدَ بنِ حَنْبَلٍ، قال: فلمَّا قربت بَلَغَتْنِيَ المِحْنَةُ وأَنَّه مَمْنُوعٌ، فاغتَمَمْتُ غَمًّا شَدِيْدًا، فأحللتُ بغداد، واكتريتُ بيتًا في فندق، ثم أتيتُ الجامعَ … وذكر أَنَّه حضر مجلس يَحْيَى بن مَعِيْنٍ، وأنَّه سأله أسئلة في الرَّجالِ حتَّى صاحَ به أصحابُ الحَلْقَةِ يكفيك رحمك الله غيرُكَ عنده سؤالٌ، فسألة عن أحمد، فنظر إليه كالمُتَعَجِّبِ وقال: ومثلنا نحن نكشف عن أحمد بن حنبل؟ ذاك إمام المُسلمين وأخيَرُهُم وَفاضِلُهُم.
وذكر في الخبرِ الطَّويل المُثير وأنَّ أحمدَ سأله عن وطنه ودار بينهما حوارٌ في ذلك وأَنَّ أحمد كان يحدِّثه بالحَديثِ والحَديثين والثَّلاثة كلَّ يوم، وأَنَّه شَرَطَ عليه أن لا يَظْهَرَ