واهتمامُ العُلماء بكتاب "غَرِيْبِ الحَدِيْثِ" لأبي عُبَيْدٍ وتقديرُهُم له، بابٌ واسعٌ لا أستَطيع إجمالَهُ في مثلِ هَذا المَقَامِ، فقد كان العُلَمَاءُ يَتَفَاخَرُوْنَ في روايته، وَيُغَالُون في طلب عُلُوِّ الإسنادِ إليه، وَسَمَاعِهِ كَامِلًا من أفاضلِ المُحَدِّثين والفُقَهَاءِ واللُّغَوِيِّين؛ لأنَّه يَخْدِمُهُم جَمِيْعًا منذُ زَمَنِ تأليفه إلى عُصُوْرٍ مُتَأخِّرَةٍ. وكان لأهلِ الأندلس به اهتمامٌ ظاهرٌ، وعنايةٌ لا تُوصف، يُغَالُون في ذلك، ولهم عليه أسانيدٌ وطرقٌ عِدِيْدَةٌ، وله عندهم نسخٌ مُعْتبَرَةٌ مُصحَّحةٌ، وكان الرَّحالةُ من عُلَمَاءِ الأنْدَلُسِ يَحْرِصُون على أن يكون من أوائل مَسْمُوعاتِهِم، ومن أهمِّ الكُتُبِ التي يَجْلِبُونَهَا إلى بِلَادِهِمْ، برِوَايةٍ، وَإِسْنَادٍ، وَتَصْحِيحٍ، لِذلِكَ فَإنَّ الاهْتِمَامَ به لم يكن مَقْصُورًا على المَشَارِقَةِ دُونَ سواهم. وكان لأبي عُبَيْدٍ ورَّاقُون مَعرُوفُون مُلازِمُون له، أعرفُ منهم ثلاثة؛ أشهرهم: "على =