للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

اللُّؤْلُؤَتَيْنِ عَلِمْتَ أَنَّ أَحَدًا لَا يُؤْثِرُ الْجَمْرَتَيْنِ عَلَى اللُّؤْلُؤَتَيْنِ وَهُوَ يَعْقِلُ. فَقَرَّبَ ذَلِكَ إِلَيْهِ فتناول الجمرتين فانتزعوهما من يده مخافة أن تحرقا يَدَيْهِ، فَقَالَتِ الْمَرْأَةُ: أَلَا تَرَى. فَصَرَفَهُ اللَّهُ عنه بعد ما كَانَ قَدْ هَمَّ بِهِ، وَكَانَ اللَّهُ- عَزَّ وَجَلَّ- بَالِغًا فِيهِ أَمْرَهُ، فَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَصَارَ مِنَ الرِّجَالِ لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَخْلُصُ إِلَى أَحَدٍ مِنْ بَنِي إسرائيل معه بظلم ولا سخرة حتى امتنعوا كل الامتناع، فبينا مُوسَى- عَلَيْهِ السَّلَامُ- يَمْشِي فِي نَاحِيَةِ الْمَدِينَةِ إِذْ هُوَ بِرَجُلَيْنِ يَقْتَتِلَانِ أَحَدُهُمَا فِرْعَوْنِيٌّ وَالْآخَرُ إِسْرَائِيلِيٌّ، فَاسْتَغَاثَهُ الْإِسْرَائِيلِيُّ عَلَى الْفِرْعَوْنِيِّ فَغَضِبَ مُوسَى- عليه السلام- غضباً شديداً؟ لأنه تناوله وَهُوَ يَعْلَمُ مَنْزِلَةَ مُوسَى- عَلَيْهِ السَّلَامُ- مِنْ بني إسرائيل وحفظه لهم لا يَعْلَمُ النَّاسُ إِلَّا أَنَّمَا ذَلِكَ مِنَ الرَّضَاعِ إِلَّا أُمُّ مُوسَى إِلَّا أَنْ يَكُونَ اللَّهُ- عَزَّ وَجَلَّ- أَطْلَعَ مُوسَى- عَلَيْهِ السَّلَامُ- مِنْ ذلك على ما لم يطلعه عَلَيْهِ غَيْرَهُ، فَوَكَزَ مُوسَى- عَلَيْهِ السَّلَامُ- الْفِرْعَوْنِيَّ فَقَتَلَهُ وَلَيْسَ يَرَاهُمَا أَحَدٌ إِلَّا اللَّهُ- عَزَّ وجل- والإسرائيلي. فَقَالَ مُوسَى- عَلَيْهِ السَّلَامُ- حِينَ قَتَلَ الرَّجُلَ (هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُضِلٌّ مبين) ثم قال (رب إني ظلمت) إلى قوله (إنه هو الغفور الرحيم) فَأَصْبَحَ فِي الْمَدِينَةِ خَائِفًا يَتَرَقَّبُ الْأَخْبَارَ فَأُتِيَ فرعون فقيل: إن بني إسرائيل قد قتلوا رَجُلًا مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ فَخُذْ لَنَا بِحَقِّنَا وَلَا تُرَخِّصْ لَهُمْ. فَقَالَ: ابْغُونِي قَاتِلَهُ وَمَنْ شَهِدَ عَلَيْهِ "فَإِنَّ الْمَلِكَ وَإِنْ كَانَ صَفْوُهُ مع قومه لا يستقيم له أن يقيد بغير بينة ولا ثبت فَانْظُرُوا فِي عِلْمِ ذَلِكَ آخُذْ لَكُمْ بِحَقِّكُمْ. فبينا هم يطوفون، لا يجدون ثبتاً، إذا موسى- عليه السلام- قد رأى من الغد ذلك الإسرائيلي يقاتل رَجُلًا مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ آخَرَ فَاسْتَغَاثَهُ الْإِسْرَائِيلِيُّ عَلَى الْفِرْعَوْنِيِّ فَصَادَفَ مُوسَى- عَلَيْهِ السَّلَامُ- قَدْ نَدِمَ عَلَى مَا كَانَ مِنْهُ فَكَرِهَ الَّذِي رَأَى فَغَضِبَ الْإِسْرَائِيلِيُّ وَهُوَ يُرِيدُ أَنْ يَبْطِشَ بالفرعوني فقال للإسرائيلي لِمَا فَعَلَ أَمْسَ وَالْيَوْمَ: (إِنَّكَ لَغَوِيٌّ مُبِينٌ) . فَنَظَرَ الْإِسْرَائِيلِيُّ إِلَى مُوسَى- عَلَيْهِ السَّلَامُ- بَعْدَمَا قَالَ لَهُ مَا قَالَ، فَإِذَا هُوَ غَضْبَانُ كَغَضَبِهِ بِالْأَمْسِ الَّذِي قَتَلَ بِهِ الْفِرْعَوْنِيَّ؟ فَخَافَ أن يكون بعد ما قال له: (إنك لغوي مبين) إِيَّاهُ أَرَادَ، وَلَمْ يَكُنْ أَرَادَهُ إِنَّمَا أَرَادَ الْفِرْعَوْنِيَّ فَخَافَ الْإِسْرَائِيلِيُّ فَحَاجَزَ الْفِرْعَوْنِيَّ فَقَالَ: يَا مُوسَى، أَتُرِيدُ أَنْ تَقْتُلَنِي كَمَا قَتَلْتَ نَفْسًا بالأمس. وَإِنَّمَا قَالَ ذَلِكَ مَخَافَةَ أَنْ يَكُونَ إِيَّاهُ أَرَادَ مُوسَى- عَلَيْهِ السَّلَامُ- أَنْ يَقْتُلَهُ فَتَنَازَعَا فَانْطَلَقَ الْفِرْعَوْنِيُّ إِلَى قَوْمِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>