فَأَخْبَرَهُمْ بِمَا سَمِعَ مِنَ الْإِسْرَائِيلِيِّ مِنَ الْخَبَرِ حِينَ يَقُولُ: أَتُرِيدُ أَنْ تَقْتُلَنِي كَمَا قَتَلْتَ نَفْسًا بِالْأَمْسِ. فَأَرْسَلَ فِرْعَوْنُ الذَّبَّاحِينَ لِيَقْتُلُوا مُوسَى- عَلَيْهِ السَّلَامُ- فَأَخَذَ رُسُلُ فِرْعَوْنَ الطَّرِيقَ الْأَعْظَمَ يمشون على هيئتهم يَطْلُبُونَ مُوسَى- عَلَيْهِ السَّلَامُ- وَهُمْ لَا يَخَافُونَ أَنْ يَفُوتَهُمْ، فَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ شِيعَةِ مُوسَى- عَلَيْهِ السَّلَامُ- مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ فَاخْتَصَرَ، طَرِيقًا قَرِيبًا حَتَّى سَبَقَهُمْ إِلَى مُوسَى- عَلَيْهِ السَّلَامُ- فأخبره الخبر- فَذَلِكَ مِنَ الْفُتُونِ يَا ابْنَ جُبَيْرٍ - فَخَرَجَ مُوسَى- عَلَيْهِ السَّلَامُ- مُتَوَجِّهًا نَحْوَ مَدْيَنَ لَمْ يَلْقَ بَلَاءً قَبْلَ ذَلِكَ، وَلَيْسَ لَهُ عِلْمٌ بِالطَّرِيقِ إِلَّا حُسْنُ الظَّنِّ بِرَبِّهِ- عَزَّ وَجَلَّ- فَإِنَّهُ قَالَ: (عَسَى رَبِّي أَنْ يَهْدِيَنِي سَوَاءَ السبيل وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً من الناس يسقون) إلى تذودان - يعني بذلك حابستين غنمهما- فقال لهما: ما خطبكما مُعْتَزِلَتَيْنِ لَا تَسْقِيَانِ مَعَ النَّاسِ؟ قَالَتَا: لَيْسَ لَنَا قُوَّةٌ نُزَاحِمُ الْقَوْمَ وَإِنَّمَا نَنْتَظِرُ فُضُولَ حياضهم. فسقى لهما فَجَعَلَ يَغْرِفُ بِالدَّلْوِ مَاءً كَثِيرًا حَتَّى كَانَتَا أول الرعاء فراغاً، فانصرفا بِغَنَمِهِمَا إِلَى أَبِيهِمَا، وَانْصَرَفَ مُوسَى- عَلَيْهِ السَّلَامُ- فَاسْتَظَلَّ بِشَجَرَةٍ وَقَالَ: (رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إلي من خير فقير) . فاستنكر أبوهما سرعة صدورهما بغنمهما حفلا بطاناً. فقال: إن لكما اليوم لشأن فأخبرتاه، بما صَنَعَ مُوسَى- عَلَيْهِ السَّلَامُ- فَأَمَرَ إِحْدَاهُمَا أَنْ تَدْعُوَهُ لَهُ، فَأَتَتْ مُوسَى- عَلَيْهِ السَّلَامُ-
فَدَعَتْهُ فَلَمَّا كَلَّمَهُ قَالَ: لا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ القوم الظالمين، لَيْسَ لِفِرْعَوْنَ وَلَا لِقَوْمِهِ عَلَيْنَا سُلْطَانٌ وَلَسْنَا فِي مَمْلَكَتِهِ. قَالَ: فَقَالَتْ إِحْدَاهُمَا: يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الأَمِينُ. فَاحْتَمَلَتْهُ الْغَيْرَةُ عَلَى أَنْ قَالَ: وَمَا يُدْرِيكِ مَا قُوَّتُهُ وَمَا أَمَانَتُهُ؟ قَالَتْ: أَمَّا قُوَّتُهُ: فما رأيت في الدلو وحين سَقَى لَنَا لَمْ أَرَ رَجُلًا قَطُّ فِي ذلك المسقى مِنْهُ، وَأَمَّا أَمَانَتُهُ فَإِنَّهُ نَظَرَ إِلَيَّ حِينِ أَقْبَلْتُ إِلَيْهِ وَشَخَصْتُ لَهُ، فَلَمَّا عَلِمَ أَنِّي امرأة صوب رأسه، فلم يَرْفَعْهُ وَلَمْ يَنْظُرْ إِلَيَّ حَتَّى بَلَّغْتُهُ رِسَالَتَكَ، ثُمَّ قَالَ لِي: امْشِي خَلْفِي وَانْعِتِي لِيَ الطريق، فلم يَفْعَلْ هَذَا إِلَّا وُهُوَ أَمِينٌ. فَسُرِّيَ عَنْ أبيها وصدقها وظن به الذي قالت، فَقَالَ لَهُ: هَلْ لَكَ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابنتي هاتين) إلى قوله (من الصالحين) فَفَعَلَ فَكَانَتْ عَلَى نَبِيِّ اللَّهِ مُوسَى- عَلَيْهِ السلام-
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute