ثم قال سبحانه:{أَفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ}[آل عمران:٨٣].
قوله تعالى:{أَفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ}[آل عمران:٨٣] الهمزة للاستفهام، والاستفهام هنا استفهام إنكاري، والمعنى: كيف يبغون ديناً غير دين الله؟! فمن عرف هذه الحجج وعرف هذه البراهين واستبانت له لا يمكن أن يقبل دينا غير دين الله تبارك وتعالى.
ثم ذكر الله جل وعلا ما يدلهم على أنه ينبغي أن يعبدوا الله فقال:{وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ}[آل عمران:٨٣]، اللام هنا للملكية، والملك قسمان: ملك حقيقي وملك صوري، وما يجري في الدنيا اليوم هو ملك صوري، وأما الملك الحقيقي فهو لله، فما تملكه اليوم إما أن تذهب عنه وإما أن يذهب عنك، ولذلك قال الله جل وعلا:{الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ لِلرَّحْمَنِ}[الفرقان:٢٦]، مع أن الملك يومئذ واليوم لله، وقال الله جل وعلا في آخر الانفطار:{وَالأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ}[الانفطار:١٩]، ولا شك في أن الأمر كل يوم لله، ولكنه المقصود أن ملك الصورة يغيب ويذهب يومها.