ومن طرائق العلم أن الإنسان لا بد أن يتصور ويفهم العلم الذي يريد أن يدخل فيه عموماً، وأما الاكتفاء بالجزئيات فلا يمكن أن يبني علماً، فلا بد أن تتصور المسألة عموماً، والجهل بالجزئيات هنا لا يضر، لكن إذا كان الإنسان يفقه الجزئيات ويجهل الكليات فهذا ليس بعلم، فالعلم أن تفهم الأمور بكلياتها.
مثلاً: رجل غريب من غير السعودية تريد أن تصف له المسجد الذي على الطريق ويسمى جامع النزاوي، فتقول له: عند دوار القبلتين مثلاً، فهذا ليس بجواب، فأول شيء تبين له في السعودية، ثم تذكر له أنه في المدينة، ثم تقول له: في الجهة الغربية من المدينة، ثم تقول له: عند دوار القبلتين.
فلا تبدأ بالجزئيات؛ لأن الجزئيات لا تقدم علماً.
فإذا أردت أن تعرف كلام الله فيجب أن تعرف أولاً أنه مائة وأربع عشرة سورة، وأنه مقسم إلى أربعة أقسام من حيث جمع السور بعضها إلى بعض، وأنه مقسم من حيث النزول إلى مكي ومدني، ومقسم من حيث الحكم إلى ناسخ ومنسوخ، ومقسم من حيث الإيمان إلى محكم ومتشابه، ومقسم من حيث الجملة إلى عام وخاص.
فإذا فهمت هذا فإنك ستفهم القرآن.
وأما أن يدخل الإنسان للجزئيات فلن يفقه شيئاً في دين الله، فهذه معلومات تقال في كتب مسابقات ثقافية، فيجيب عليها إنسان قرأ ورقة تقويم فاستفاد معلومة، فيدخل المسابقة فيأتي السؤال الذي قرأه في التقويم فيجيب، فيقول الناس: فلان عالم أو هذا مثقف، هذا ليس بعلم.
العلم الشرعي هو الذي يتصدر به الإنسان للناس، فينبغي أن يكون مؤصلاً بهذه الطريقة.
فقلنا: إن القرآن يقسم إلى السبع الطوال وذكرناها، ثم المئين، ثم يقسم إلى المثاني، وقد عرفنا لماذا سميت بالمئين، لأنها تصل إلى المائة، والطوال سميت كذلك لطولها، وأما المثاني فسميت كذلك من التكرار، لأنها تقرأ في الصلوات أكثر من غيرها، فسميت مثاني.