للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الرؤيا الصالحة نوع من البشرى]

فالرؤيا نوع من البشارة، فقد يخرج الإنسان من موطن أو من مكان، أو من عمل كئيباً حزيناً على ما أصابه، ويكون له عند الله مقام وعمل صالح، فيراه أحد فيخبره أنه رأى له رؤيا يكون بهذه الرؤيا بشارة لنجاته، أو يكون هو قد غفا أو نام في ليل أو في نهار، فيرى رؤيا تدل على أمر حسن، وقد قلنا مراراً إن يعقوب عليه الصلاة والسلام لما قال له بنوه وأخبروه أن يوسف هلك كان واثقاً أن يوسف لم يهلك، فقال كما قال الله جل وعلا عنه قال: {قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنفُسُكُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ} [يوسف:١٨].

والذي جعل يعقوب يطمئن على أن يوسف لم يهلك هي الرؤيا التي رآها يوسف من قبل، فلما قصها على أبيه فهم يعقوب أن هذا الابن سيكون له شأن، قال: {يَا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ} [يوسف:٤]، وهذا يظهر علو مكانه؛ لأن خضوع الأب والأم والأبناء له يدل على ارتفاع قدره، فلما جاءه الإخوة وقالوا: إنه هلك لم يقبل يعقوب هذه الدعوة، لكن ضَعْفه آنذاك اجتماعياً هو الذي جعله يصبر ويحتسب عند الله، وقد تحقق له الأمر، ولذلك قال كما قال الله جل وعلا عنه: {قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ} [يوسف:٩٦].

<<  <  ج: ص:  >  >>