وهناك صور تنقل كثيراً مسجد قبة الصخرة، وهناك مسجد اسمه المسجد الأقصى، فالمسجد الأقصى هو الذي صلى النبي صلى الله عليه وسلم فيه وربط فيه دابته وهي البراق.
أما قبة الصخرة، فالصخرة كانت تعظمها اليهود وتصلي إليها في غابر الأزمان، والذي أهلك اليهود هو بختنصر، جاء من بابل من العراق، فأهلك اليهود، وأعان على إهلاك اليهود النصارى، فالعداوة بين اليهود والنصارى عداوة قديمة.
فالصخرة كانت تعظمها اليهود، في حين أن النصارى يعظمون كنيسة القيامة وما حولها ببيت المقدس عموماً، فبيت المقدس اتفق اليهود والنصارى والمسلمون على أنه أرض مباركة، وكل له غاية فيه.
ولما فتح عمر رضي الله عنه بيت المقدس أيام خلافته وخرج من المدينة صلحاً وسلمت إليه مفاتيح بيت المقدس كانت النصارى مسيطرة على المدينة، وكان اليهود أذلة.
فهذه الصخرة كان عليها قمامة كثيرة جداً، حيث جعلها النصارى مجمع نفايات نكاية في اليهود، وكان مع عمر كعب الأحبار، وهو يهودي أسلم في المدينة، فسأل عمر كعب الأحبار فقال: أين تراني أصلي؟ وقد أسلم كعب الأحبار، لكن بقي فيه شيء من اليهودية، فقال: أرى أن تصلي خلف الصخرة.
وإذا صلى عمر خلف الصخرة يصبح مستقبل الصخرة عقلاً، وإن كان سيستقبل مكة، فقال له عمر: ما فارقتك يهوديتك، تريدني أن أستقبل الصخرة حتى يرتفع شأن اليهود؟! فتقدم وجعل الصخرة خلفه، وهو يعلم أن الصخرة معظمة، وأخذ يزيل النفايات عنها، ولكنه لم يرد أن يصلي إليها حتى لا تفتخر بها اليهود، فالصخرة في بيت المقدس، وبيت المقدس كله مبارك بلا شك، ولكن عمر لم يرد أن يجعل للصخرة خصوصية تزيد على خصوصية المسجد، فتقدم وصلى وجعل الصخرة خلفه.
وبقيت الصخرة على هذا الحال حتى كان عبد الملك بن مروان الخليفة الأموي، والذي نازع عبد الملك الخلافة هو عبد الله بن الزبير، وكان عبد الله بن الزبير في مكة.
وكانت العرب تحج إلى مكة، فكانوا يلتقون بـ ابن الزبير، والسياسة لا تدخل في شيء إلا أفسدته، ولذلك فإن العاقل يترك آراء السياسيين ولو كان أتقى خلق الله، فلا تكن إمعة، بحيث ترى كل من يحمل راية سياسية فتعتقد أنها راية دينية، فالسياسة: لا تدخل في شيء إلا أفسدته، فكان الناس يأتون عبد الله بن الزبير خصيم عبد الملك بن مروان ثم يذهب بعضهم راجعين إلى الشام، فجاءوا إلى عبد الملك فقالوا له: ليس عندك أحد، فأمراء القبائل يحجون ويقابلون ابن الزبير، فقام عبد الملك بن مروان فبنى على الصخرة قبة، وكساها مثلما تكسى الكعبة وزينها لعل الناس أن يأتوها، وذلك لسبب سياسي واحد، وهو أن ينصرفوا عن ابن الزبير.
والسياسة فيها شيء اسمه المراحل، فالورقة هذه تنفع اليوم ولا تنفع غداً، ولذلك لما انتهت القضية وقتل عبد الله بن الزبير على يد الحجاج بن يوسف لم يبال عبد الملك بقبة الصخرة، وما عاد يكسوها، ولكنه لم يهدمها، فبقيت على حالها إلى اليوم، فجاء بعده ملوك لا يفهمون لماذا بناها، وأخذوا يزينونها! فهذه قصة قبة الصخرة.