ثم قال الرب تبارك وتعالى عن أهل جنته:{وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ * قَالُوا إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ * فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ * إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ}[الطور:٢٥ - ٢٨].
يخبر الله بأن أهل الجنة يتذاكرون مجالسهم التي كانت في الدنيا، وإنني أسأل الله بكمال جماله وعز جلاله أن يجعلنا وإياكم ممن يتذكر هذا المجلس في جنات نعيم.
فالله يقول:{وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ}[الطور:٢٥] فهؤلاء مؤمنون قد كساهم الله جل وعلا أعظم الحلل، وأنزلهم الله جل وعلا أجل المنازل، وأفاء الله تبارك وتعالى عليهم من رحمته، ودفع الله جل وعلا عنهم كل نقمة، يجلس بعضهم إلى بعض فيتخاطبون، فإذا جلسوا في مجلس لا لغو فيه ولا تأثيم تذاكروا برحمة من الله وفضل ما من الله به عليهم في الدنيا، فنقل الله جل وعلا -وهو أصدق القائلين- كلامهم الذي سيكون يوم القيامة جعلني الله وإياكم منهم، فقال عنهم:((وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ)) وهذا إقبال فرح {عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ}[الطور:٢٥].