ثم قال الله تعالى:{وَعِيسَى وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ}[النساء:١٦٣].
ويونس هو يونس بن متى عليه الصلاة والسلام، بعثه الله جل وعلا إلى أرض نينوى من أهل الموصل، وبلاد الموصل في أرض العراق حالياً، فهذا النبي خرج مغاضباً في قصة مشهورة، قال الله جل وعلا عنه:{وَذَا النُّونِ}[الأنبياء:٨٧] أي: وصاحب الحوت {إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ}[الأنبياء:٨٧]، وجاء في السنة -كما في البخاري وغيره- أنه صلى الله عليه وسلم قال:(لا يقل أحدكم: أنا خير من يونس بن متى).
وهذا الحديث مشكل؛ لأن له مفهومين: المفهوم الأول: أن تكون (أنا) في قوله عليه الصلاة: (لا يقل أحدكم: أنا) عائدة على النبي صلى الله عليه وسلم، فإذا قلنا يصبح المعنى: لا يفضِّل أحد بين النبي صلى الله عليه وسلم وبين غيره من الأنبياء.
وهذا بعيد في ظني؛ لأن النبي عليه الصلاة والسلام أفضل من كل الأنبياء، ولا حاجة لذكر يونس وحده.
والرأي الثاني -وهو الأرجح- أن معناه: لا يقل أحد من الناس عن نفسه حين يرى صلاحه وتقواه وصلاته وصيامه: إنه أفضل من يونس.
والذي يدفع الناس لأن يقول أحدهم: أنا أفضل من يونس هو ما ذكره الله جل وعلا عن يونس من نوع عتاب؛ فإن الله قال في كتابه:{وَلا تَكُنْ كَصَاحِبِ الْحُوتِ إِذْ نَادَى وَهُوَ مَكْظُومٌ}[القلم:٤٨]، فقالوا: هذه الآية تشعر بأن يونس ليس بذلك الكمال، فيأتي إنسان يرى في نفسه الكمال العظيم فيظن أنه خير من يونس، فقال عليه الصلاة والسلام حسماً للباب:(لا يقل أحدكم: أنا خير من يونس بن متى) فيونس نبي مرسل أرسله الله إلى أهل نينوى من أرض الموصل في العراق اليوم.