بيان معنى قوله تعالى (وكنت عليهم شهيداً ما دمت فيهم)
ثم قال تعالى عنه:{وَكُنتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ}[المائدة:١١٧].
قوله:(مَّا دُمْتُ فِيهِمْ) أي: أنه عبد، فمتى ما وضع أو رفع لا يعلم شيئاً، ولا يوجد عاقل يدعي أنه يفهم كل شيء أو يعلم كل شيء، فالنبي عليه الصلاة والسلام كان يعيش في المدينة، وحوله في المدينة مهاجرون وأنصار ويهود ومنافقون، فالله يقول لنبيه:{وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ لا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ}[التوبة:١٠١] قال العلماء: إذا جاز على سيد الخلق صلى الله عليه وسلم أن يكون له جيران يسكنون مدينته ولا يعلم أنهم يكيدون له وأنهم منافقون؛ فمن باب أولى أن يخفى ذلك على من دونه، وكل الناس دونه صلوات الله وسلامه عليه.
قال تعالى:{وَكُنتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ}[المائدة:١١٧] أي: وأنا بينهم أعيش كنت أقول لهم: اعبدوا الله، فهذا يوافق وهذا لا يوافق، فأنا شهيد عليهم بأن هذا وافق وهذا لم يوافق، وهذا قبل وهذا لم يقبل، وهذا رضي بك رباً وهذا لم يرض.