[تفسير قوله تعالى:(فذكر فما أنت بنعمة ربك بكاهن ولا مجنون)]
ولما ذكر الرب جل وعلا في هذه السورة الكريمة إثبات التوحيد والبعث والنشور ذكر جل وعلا إثبات الرسالة، فقال الله لنبيه صلوات الله وسلامه عليه:{فَذَكِّرْ فَمَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِكَاهِنٍ وَلا مَجْنُونٍ}[الطور:٢٩] وهذا بيان لتناقض الكفار، فالمجنون هو الذي لا يفكر أبداً، والكهانة صنعة تحتاج إلى نوع من الذكاء وإلى دقة وفطنة، وهي كفر بالله، ولا يجتمع في إنسان الجنون والكهانة، فمن تناقض أهل الكفر أنهم نعتوا النبي صلى الله عليه وسلم بأنه كاهن ومجنون؛ وهذان ضدان لا يمكن أن يجتمعا في إنسان واحد، ولهذا قال الله جل وعلا لنبيه:((فَذَكِّرْ)) أي: استمر في الدعوة إلى ربك والتذكير بآيات ربك، ولا تلتفت إلى ما يقوله هؤلاء الكفار عنك {فَمَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ}[الطور:٢٩] أي: بفضل الله عليك، ونعمته وإحسانه عليك بكاهن ولا بمجنون، وكيف يكون كاهناً أو مجنوناً من يدعو إلى الواحد الأحد جل جلاله؟! فهذا يستحيل عقلاً ونقلاً.