السورة عموماً تتحدث عن التوحيد، كما هو الشأن في السور المكية، كما تتحدث عن الصراع بين الرسل وأممهم، وذكر الله في مقدمتها خبر نبيه موسى، وبعد أن ذكر الله ما دار بين الرسل والأمم جملة دون تفصيل.
هذه الآيات تبين أن التهديد الواقع من الأمم لرسلهم كان يأخذ عدة سياقات، من أشهرها: أن الأمم كانت تهدد الرسل بالإخراج من الأرض، والحر الأبي لا يقبل أن يخرج من أرضه، ومن أصعب الأشياء على المرء أن يخرج اضطراراً من أرضه ووطنه، فهذا أمر لا تطيقه النفوس، قال الله جل وعلا:{وَقَدْ أُخْرِجْنَا مِنْ دِيَارِنَا وَأَبْنَائِنَا}[البقرة:٢٤٦].
فذكر مصيبتين، الخروج من الديار، وترك الأبناء، وقدم مصيبة الخروج من الديار على مصيبة فقد الأبناء، وقال الله جل وعلا:{وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِنْ دِيَارِكُمْ مَا فَعَلُوهُ}[النساء:٦٦].
فجعل جل وعلا أمر الإنسان لغيره بأن يقتل نفسه كمثل أمره بأن يخرج من دياره، فالأمم تتوعد رسلها بأن تخرج من الديار كما قال الله عن قوم لوط أنهم قالوا للوط وآله:{أَخْرِجُوهُمْ مِنْ قَرْيَتِكُمْ}[الأعراف:٨٢].
فالنفي والنبذ أمر قاس على الإنسان الحر:{لَنُخْرِجَنَّكُمْ مِنْ أَرْضِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا}[إبراهيم:١٣].