للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[تفسير قوله تعالى: (ما كان لبشر أن يؤتيه الله الكتاب والحكم والنبوة ثم يقول)]

ثم قال سبحانه: {مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللَّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا عِبَادًا لِي مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنتُمْ تَدْرُسُونَ} [آل عمران:٧٩].

هذا عود على بدء، فقد قلنا: إن آية المباهلة نزلت بسبب وفد نصارى نجران، وقلنا: إن وفد نصارى نجران كانوا يقولون: إن المسيح ابن الله، فيعبد كما يعبد الله حسب زعمهم.

فهنا يقول الله جل وعلا رداً عليهم: إنه لا يمكن أن يقع ولا ينبغي أن يقع أن الله جل وعلا يعطي بشراً الحكم -أي: الحكمة والكتاب- المنزل ويجعله نبياً ثم يقول هذا العبد للناس: اجعلوني رباً من دون الله.

فهذا لا يمكن أن يقع شرعاً ولا قدراً، لسبب يسير، وهو أن الله أعلم حيث يجعل رسالته.

فهؤلاء الأنبياء علم الله جل وعلا قبل أن يبعثهم ما في قلوبهم، ولذلك لا يمكن أن يقع منهم خلاف ما أراد الله جل وعلا أن يكونوا عليه، لا من الناحية الشرعية ولا من الناحية القدرية، فكل الناس في هذا سواء، ولكن لا يقع ذلك منهم شرعاً ولا قدراً، ولذلك قال الله: {مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللَّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا عِبَادًا لِي مِنْ دُونِ اللَّهِ} [آل عمران:٧٩]، فإن قيل: فما الذي يقوله؟!

و

الجواب

(( وَلَكِنْ)) أي: الذي يقع والذي يقوله النبي: {كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنتُمْ تَدْرُسُونَ} [آل عمران:٧٩].

<<  <  ج: ص:  >  >>