[بيان معنى قوله تعالى (قالوا هذا الذي رزقنا من قبل)]
وكلمة (كلما) لا تكرر كما هو مشهور كلام الناس، حيث يقولون: كلما أتيتني كلما أطعمتك.
فهذا خطأ، بل يؤتى (كلما) في أول الكلام ولا تكرر، كما قال الله:{كُلَّمَا رُزِقُوا مِنْهَا مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقًا قَالُوا هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ}[البقرة:٢٥]، ولم يقل: كلما قالوا.
فهذا من ناحية نحوية.
وأما من ناحية المعنى فللعلماء في معنى هذه الآية ثلاثة أقوال: القول الأول: أن قوله تعالى: (قالوا هذا الذي رزقنا من قبل) أي: في الدنيا.
لأن (قبل) جاءت مضمومة منقطعة عن الإضافة، فلم يذكر الله جل وعلا المضاف إليه فوجب إحرازه بقدر الإمكان، فيصبح المعنى أن هؤلاء المؤمنين -جعلنا الله وإياكم منهم- يرون ثمار الجنة، فإذا رأوها قالوا: هذه الثمار تشبه الثمار التي كنا نأكلها في الدنيا.
القول الثاني: أن الثمار إذا قطفوا منها تبدل بغيرها، فإذا رأوا الثاني قالوا: هذا مثل الأول الذي قطفناه من قبل؛ لتشابه ثمار الجنة.
وبين هذين القولين يدور أكثر المفسرين، ولكننا نقول -والله أعلم-: إن المعنى: أن أهل الجنة إذا قطفوا ثمرة في أول النهار تبدل بغيرها تشبهها في آخر النهار، فإذا جاءوا يقطفونها قالوا: هذا الذي رزقنا من قبل.
أي: هذا مثل طعام الصباح، فإذا أكلوها وجدوها تختلف في الطعم الأولى وأظن الشوكاني رحمه الله في (فتح القدير) مال إلى هذا القول.