[وقفة مع قول الله تعالى:(ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق)]
قال الله تعالى:{وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا}[الإسراء:٣٣] هذه الآية نظر فيها ابن عباس رضي الله تعالى عنهما فاستنبط منها أن معاوية سيحكم؛ لأنه رضي الله عنه وأرضاه لما قُتل عثمان اتفق المسلمون على أن عثمان قتل ظلماً، فجاء معاوية رضي الله عنه وأرضاه، وكان والياً على الشام يطالب علياً بقتلة عثمان وعلي يقول: القضية الآن ليست قضية قتلة عثمان، القضية أن تُقر لي بالخلافة، وبعد ذلك نتكلم عن قتلة عثمان، ومعاوية يقول: لا أقر لك بالخلافة ولا أدخل في الطاعة حتى تسلمني قتلة عثمان؛ لأن معاوية يجتمع مع عثمان في جده أمية، فجاء ابن عباس ترجمان القرآن لـ علي، وقال له: اخرج من هذه الأمر، يعني: لا توافق على الخلاف واذهب إلى مالك في ينبع، فإنك لو دخلت في جحر ضب لطلبتك العرب؛ فإن العرب ستدور دورتها ثم ترجع إليك وتسلمك الخلافة لكن بقدر الله عصى علي ابن عباس ولم يأخذ برأيه، ليمضي قدر الله، فلما رفض علي قال ابن عباس: إذاً أقسم بالله ليملكن معاوية، قال الله جل وعلا:((وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَاناً)) ومعاوية ولي لـ عثمان.
فتحقق نفس الذي قاله ابن عباس، وحكم معاوية رضي الله عنه وأرضاه، فكان ابن عباس بعد موت علي واجتماع الكلمة على معاوية يقول للناس: إنني أحدثكم بأمر ليس بأمر سر ولا علانية، فيقول لهم: إنني نصحت عليا ً لكن علياً لم ينتصح ولم يقبل، وأصر على أن يدخل معاوية في الطاعة ومعاوية أصر على أن يُسلم دم عثمان، ووقع ما وقع بينهم رضي الله عنهم أجمعين، ثم قال هذه الكلمة المشهورة، وهذه الفريدة في العلم يذكرها المفسرون -أكثرهم إن لم يكن كلهم- كمنقبة لـ ابن عباس رضي الله تعالى عنه وأرضاه؛ وفهم القرآن شيء من الله، ولذلك فإن علياً هو نفسه رضي الله عنه وأرضاه من آل البيت وابن عم رسول الله، وزوج ابنته لم يؤت ما أوتيه ابن عباس.
لكن الشيعة الآن أهل الضلالة يقولون: إن الله استأثر آل البيت ببعض العلم، وهذا باطل، والصحابة سألوا علياً قالوا: هل اختصكم رسول الله صلى الله عليه وسلم بشيء من العلم دون الناس؟ فقال رضي الله عنه وأرضاه -وهو صادق-: لا والذي فلق الحبة وبرأ النسمة ما خصنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بشيء، ثم قال: إلا فهماً يعطيه الله جل وعلا من يشاء في كتابه، وهذه ليس فيها قيد، ولذلك ترى بعض المفسرين يجلس وينطق بتفسير آيات ما لو بحثت عنها في الكتب لن تجدها، وهذا فضل الله يُعطيه من يشاء.