وكلمة (رباني) نسبة إلى الرب، وزعم بعض العرب أنها لفظ غير عربي، وأنها غير مسموعة في لغة العرب، الأكثرون على أنها عربية.
وقد اختلف العلماء في معنى (ربانيين)، وجميع ألفاظ العلماء تدل على معنى متقارب، ومجملها أن يقال: إن الرباني هو العالم الفقيه الذي يستطيع أن يسوس الناس بعقل وحكمة ويربي طلبته على صغار العلم قبل كباره، فإن جمع الإنسان هذا كله قدر له أن يكون من الربانيين في العلم.
والحوادث المعاصرة ميزت كثيراً من الربانيين عن غيرهم، فالربانيون من العلماء لا يلقون الناس في المهالك، وقد بين الشاطبي رحمه الله تعالى في (الاعتصام) وفي (الموافقات) -وهما كتابان في التأصيل العلمي- بين كثيراًَ في معنى الربانية، وتكلم عما ينبغي أن يكون عليه العالم الحق الذي يسوس الناس في أيام الفتن، فالعالم الذي يسوس الناس في أيام الفتن لا يهمه أن يجيب على السؤال، وإنما يهمه أن ينظر في المآل قبل أن يتكلم، فينظر إلى مآل قوله ومآل فتواه وعاقبتها على عامة الناس قبل أن يتفوه بها، حتى يكون الناس على بينة من أمرهم في دين الله جل وعلا، وتلك منازل الكل يطلبها، وقليل من يحصل عليها، بلغنا الله وإياكم إياها.
قال تعالى:{وَلَكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنتُمْ تَدْرُسُونَ}[آل عمران:٧٩] الباء في الحالتين سببية، والمعنى: بما أنكم رزقتم الكتاب تعلمونه وتدرسونه وتدرِّسونه فإنه ينبغي عليكم أن تكونوا ربانيين وأنتم تسوسون الناس.