[تفسير قوله تعالى:(قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء)]
ثم قال الله عز وجل:{قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ}[آل عمران:٦٤]، هذه الآية يتعلق بها فائدتان: الأولى منهما: أن النبي عليه الصلاة والسلام كان يكتبها في كتبه التي يبعثها إلى ملوك العرب والعجم وهو يدعوهم إلى الإسلام، كما ثبت ذلك في الصحيحين وغيرهما في كتابه صلى الله عليه وسلم إلى هرقل عظيم الروم.
والفائدة الثانية في حياتنا العملية جميعا، وهي أن النبي عليه الصلاة والسلام -كما أخرج مسلم في الصحيح- كان يقرأ بهذه الآية في ركعة الصبح الأخيرة من سنة الفجر، ومعلوم أن لصلاة الفجر سنة قبلية، والسنة فيها أن تخفف، فالنبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ فيها بفاتحة الكتاب وبقول الله جل وعلا في سورة البقرة:{قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ}[البقرة:١٣٦] ويقرأ في الثانية بهذه الآية {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ}[آل عمران:٦٤].
فيتحرر من هذا من الناحية العملية أن هذه الآية كان النبي عليه الصلاة والسلام يقرأ بها في الركعة الأخيرة من سنة الفجر ويقرأ بغيرها، ولو قرأ أي مسلم بأي سوره من القرآن أو آية من آياته جاز، ولكن الوفاق للسنة أن تقرأ هاتان الآيتان.