[بيان المشاكلة اللفظية في قوله تعالى (بمثل ما عوقبتم به)]
ويتفرع على هذه مسائل عدة: أولها: مسألة لغوية، وهي أن الله يقول:{وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ}[النحل:١٢٦]، ولا ريب في أن ما فعله المشركون بالمسلمين لا يسمى عقوبة، وإنما يسمى إيذاء وبغيا، وإنما أسماه الله عقوبة من باب المشاكلة، فحمل الأول على الثاني والثاني على الأول في المشابهة بالألفاظ يسمى عند البلاغيين بالمشاكلة، ومثله قول الله جل وعلا:{وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا}[الشورى:٤٠]، فالثانية ليست سيئة، وإنما هي رد، ولكن الله جل وعلا سماها سيئة من باب المشاكلة في الألفاظ، وقال الله جل وعلا:{فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ}[البقرة:١٩٤]، ولا يسمى الثاني اعتداء؛ لأنه رد، ولكنه سمي اعتداء للمشاكلة في اللفظ فقط.